الباحث القرآني

﴿وَقالُوا مالِ هَذا الرَّسُولِ﴾ شُرُوعٌ في حِكايَةِ (p-204)جِنايَتِهِمُ المُتَعَلِّقَةِ بِخُصُوصِيَّةِ المُنَـزَّلِ عَلَيْهِ، و"ما" اسْتِفْهامِيَّةٌ بِمَعْنى: إنْكارِ الوُقُوعِ ونَفْيُهُ مَرْفُوعَةٌ عَلى الِابْتِداءِ خَبَرُها ما بَعْدَها مِنَ الجارِّ والمَجْرُورِ، وفي هَذا تَصْغِيرٌ لِشَأْنِهِ ﷺ، وتَسْمِيَتُهُ ﷺ رَسُولًا بِطَرِيقِ الِاسْتِهْزاءِ بِهِ ﷺ كَما قالَ فِرْعَوْنُ: ﴿إنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إلَيْكُمْ﴾ . وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَأْكُلُ الطَّعامَ﴾ حالٌ مِنَ الرَّسُولِ، والعامِلُ فِيها ما عَمِلَ في الجارِّ مِن مَعْنى الِاسْتِقْرارِ، أيْ: أيُّ شَيْءٍ وأيُّ سَبَبٍ حَصَلَ لِهَذا الَّذِي يَدَّعِي الرِّسالَةَ حالَ كَوْنِهِ يَأْكُلُ الطَّعامَ كَما نَأْكُلُ ﴿وَيَمْشِي في الأسْواقِ﴾ لِابْتِغاءِ الأرْزاقِ كَما نَفْعَلُهُ عَلى تَوْجِيهِ الإنْكارِ والنَّفْيِ إلى السَّبَبِ فَقَطْ مَعَ تَحَقُّقِ المُسَبَّبِ الَّذِي هو مَضْمُونُ الجُمْلَةِ الحالِيَّةِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَما لَهم لا يُؤْمِنُونَ﴾ وقَوْلُهُ: ﴿ما لَكم لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وقارًا﴾ فَكَما أنَّ كُلًّا مِن عَدَمِ الإيمانِ وعَدَمِ الرَّجاءِ أمْرٌ مُحَقِّقٌ قَدْ أنْكَرَ واسْتَبْعَدَ تَحَقُّقَهُ لِانْتِفاءِ سَبَبِهِ بَلْ لِوُجُودِ سَبَبِ نَقِيضِهِ، كَذَلِكَ كُلٌّ مِنَ الأكْلِ والمَشْيِ أمْرٌ مُحَقَّقٌ قَدِ اسْتُبْعِدَ تَحَقُّقُهُ لِانْتِفاءِ سَبَبِهِ بَلْ لِوُجُودِ سَبَبِ عَدَمِهِ خَلا أنَّ اسْتِبْعادَ المُسَبَّبِ وإنْكارَ السَّبَبِ ونَفْيَهُ في عَدَمِ الإيمانِ وعَدَمِ الرَّجاءِ بِطَرِيقِ التَّحْقِيقِ، وفي الأكْلِ والمَشْيِ بِطَرِيقِ التَّهَكُّمِ والِاسْتِهْزاءِ فَإنَّهم لا يَسْتَبْعِدُونَهُما ولا يُنْكِرُونَ سَبَبَهُما حَقِيقَةً بَلْ هم مُعْتَرِفُونَ بِوُجُودِهِما وتَحَقُّقِ سَبَبِهِما، وإنَّما الَّذِي يَسْتَبْعِدُونَهُ الرِّسالَةَ المُنافِيَةَ لَهُما عَلى زَعْمِهِمْ يَعْنُونَ أنَّهُ إنْ صَحَّ ما يَدَّعِيهِ فَما بالُهُ لَمْ يُخالِفْ حالُهُ حالَنا، وهَلْ هو إلّا لِعَمَهِهِمْ ورَكاكَةِ عُقُولِهِمْ وقُصُورِ أنْظارِهِمْ عَلى المَحْسُوساتِ فَإنَّ تَمَيُّزَ الرُّسُلِ عَمَّنْ عَداهم لَيْسَ بِأُمُورٍ جُسْمانِيَّةٍ وإنَّما هو بِأُمُورٍ نَفْسانِيَّةٍ كَما أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ إنَّما أنا بَشَرٌ مِثْلُكم يُوحى إلَيَّ أنَّما إلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ﴾ . ﴿لَوْلا أُنْزِلَ إلَيْهِ مَلَكٌ﴾ أيْ: عَلى صُورَتِهِ وهَيْئَتِهِ ﴿فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا﴾ تَنَـزُّلٌ مِنهم مَنِ اقْتِراحِ أنْ يَكُونَ مَلَكًا مُسْتَغْنِيًا عَنِ الأكْلِ والشُّرْبِ إلى اقْتِراحِ أنْ يَكُونَ مَعَهُ مَلَكٌ يُصَدِّقُهُ ويَكُونُ رِدْءًا لَهُ في الإنْذارِ وهو يُعَبِّرُ عَنْهُ ويُفَسِّرُ ما يَقُولُهُ لِلْعامَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب