﴿إنْ كادَ﴾ "إنْ" مُخَفَّفَةٌ مِن "أنَّ" وضَمِيرُ الشَّأْنِ مَحْذُوفٌ، أيْ: إنَّهُ كادَ ﴿لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا﴾ أيْ: لَيَصْرِفَنا عَنْ عِبادَتِها صَرْفًا كُلِّيًّا بِحَيْثُ يُبْعِدُنا عَنْها لا عَنْ عِبادَتِها فَقَطْ، والعُدُولُ إلى الإضْلالِ لِغايَةِ ضَلالِهِمْ بِادِّعاءِ أنَّ عِبادَتَها طَرِيقٌ سَوِيٌّ.
﴿لَوْلا أنْ صَبَرْنا عَلَيْها﴾ ثَبَتْنا عَلَيْها واسْتَمْسَكْنا بِعِبادَتِها ولَوْلا في أمْثالِ هَذا الكَلامِ تَجْرِي مَجْرى التَّقْيِيدِ لِلْحُكْمِ المُطْلَقَ مِن حَيْثُ المَعْنى كَما أُشِيرَ إلَيْهِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ...﴾ إلَخِ، وهَذا اعْتِرافٌ مِنهم بِأنَّهُ ﷺ قَدْ بَلَغَ مِنَ الِاجْتِهادِ في الدَّعْوَةِ إلى الحَقِّ وإظْهارِ المُعْجِزاتِ وإقامَةِ الحُجَجِ والبَيِّناتِ إلى حَيْثُ شارَفُوا أنْ يَتْرُكُوا دِينَهم لَوْلا فَرْطُ لَجاجِهِمْ وغايَةُ عِنادِهِمْ، يُرْوى أنَّهُ مِن قَوْلِ أبِي جَهْلٍ.
﴿وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ جَوابٌ مِن جِهَتِهِ تَعالى لِآخِرِ كَلامِهِمْ ورَدٌّ لِما يُنْبِئُ عَنْهُ مِن نِسْبَتِهِ ﷺ إلى الضَّلالِ في ضِمْنِ الإضْلالِ، أيْ: سَوْفَ يَعْلَمُونَ البَتَّةَ وإنْ تَراخى ﴿حِينَ يَرَوْنَ العَذابَ﴾ الَّذِي يَسْتَوْجِبُهُ كُفْرُهم وعِنادُهم ﴿مَن أضَلُّ سَبِيلا﴾ وفِيهِ ما لا يَخْفى مِنَ الوَعِيدِ والتَّنْبِيهِ عَلى أنَّهُ تَعالى لا يُهْمِلُهم وإنْ أمْهَلَهم.
{"ayah":"إِن كَادَ لَیُضِلُّنَا عَنۡ ءَالِهَتِنَا لَوۡلَاۤ أَن صَبَرۡنَا عَلَیۡهَاۚ وَسَوۡفَ یَعۡلَمُونَ حِینَ یَرَوۡنَ ٱلۡعَذَابَ مَنۡ أَضَلُّ سَبِیلًا"}