الباحث القرآني

﴿وَعادًا﴾ عَطْفٌ عَلى قَوْمِ نُوحٍ، وقِيلَ: عَلى المَفْعُولِ الأوَّلِ لَجَعَلْناهم، وقِيلَ: عَلى الظّالِمِينَ إذْ هو في مَعْنى "وَعْدِنا الظّالِمِينَ" وكِلاهُما بَعِيدٌ. ﴿وَثَمُودَ﴾ الكَلامُ فِيهِ وفِيما بَعْدَهُ كَما فِيما قَبْلَهُ، وقُرِئَ: "وَثَمُودًا" عَلى تَأْوِيلِ الحَيِّ، أوْ عَلى أنَّهُ اسْمُ الأبِ الأقْصى. ﴿وَأصْحابَ الرَّسِّ﴾ هم قَوْمٌ يَعْبُدُونَ الأصْنامَ فَبَعَثَ اللَّهُ تَعالى إلَيْهِمْ شُعَيْبًا عَلَيْهِ السَّلامُ فَكَذَّبُوهُ، فَبَيْنَما هم حَوْلَ الرَّسِّ وهي البِئْرُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ بَعْدَ إذِ انْهارَتْ فَخُسِفَ بِهِمْ وبِدِيارِهِمْ. وقِيلَ: الرَّسُّ قَرْيَةٌ بِفَلْجِ اليَمامَةِ كانَ فِيها بَقايا ثَمُودَ فَبُعِثَ إلَيْهِمْ نَبِيٌّ فَقَتَلُوهُ فَهَلَكُوا، وقِيلَ: هو الأُخْدُودُ، وقِيلَ: بِئْرٌ بِأنْطاكِيَّةَ قَتَلُوا فِيها حَبِيبًا النَّجّارَ، وقِيلَ: هم أصْحابُ حَنْظَلَةَ بْنِ صَفْوانَ النَّبِيِّ ﷺ ابْتَلاهُمُ اللَّهُ بِطَيْرٍ عَظِيمٍ كانَ فِيها مِن كُلِّ لَوْنٍ وسَمَّوْها عَنْقاءَ لِطُولِ عُنُقِها، وكانَتْ تَسْكُنُ جَبَلَهُمُ الَّذِي يُقالُ لَهُ: فَتْخُ أوْ دَمْخُ فَتَنْقَضُّ عَلى صِبْيانِهِمْ فَتَخْطِفُهم إنْ أعْوَزَها الصَّيْدُ (p-219)وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ مُغْرِبًا فَدَعا عَلَيْها حَنْظَلَةُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَأصابَتْها الصّاعِقَةُ، ثُمَّ إنَّهم قَتَلُوهُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَأُهْلِكُوا. وقِيلَ: قَوْمٌ كَذَّبُوا رَسُولَهم فَرُسُّوهُ، أيْ: دَسُّوهُ في بِئْرٍ. ﴿وَقُرُونًا﴾ أيْ: أهْلَ قُرُونٍ، قِيلَ:: القَرْنُ أرْبَعُونَ سَنَةً، وقِيلَ: سَبْعُونَ، وقِيلَ: مِائَةٌ وعِشْرُونَ ﴿بَيْنَ ذَلِكَ﴾ أيْ: بَيْنَ ذَلِكَ المَذْكُورِ مِنَ الطَّوائِفِ والأُمَمِ، وقَدْ يَذْكَرُ الذّاكِرُ أشْياءَ مُخْتَلِفَةً ثُمَّ يُشِيرُ إلَيْها بِذَلِكَ ويَحْسَبُ الحاسِبُ أعْدادًا مُتَكاثِرَةً ثُمَّ يَقُولُ: فَذَلِكَ كَيْتَ وكَيْتَ عَلى ذَلِكَ المَذْكُورِ وذَلِكَ المَحْسُوبِ. ﴿كَثِيرًا﴾ لا يَعْلَمُ مِقْدارَها إلّا العَلِيمُ الخَبِيرُ، ولَعَلَّ الِاكْتِفاءَ في شُئُونِ تِلْكَ القُرُونِ بِهَذا البَيانِ الإجْمالِيِّ لِما أنَّ كُلَّ قَرْنٍ مِنها لَمْ يَكُنْ في الشُّهْرَةِ وغَرابَةِ القِصَّةِ بِمَثابَةِ الأُمَمِ المَذْكُورَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب