الباحث القرآني
﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ أيْ: لَهُ خاصَّةً دُونَ غَيْرِهِ لا اسْتِقْلالًا ولا اشْتِراكًا، (p-201)لِلسُّلْطانِ القاهِرِ والِاسْتِيلاءِ الباهِرِ عَلَيْهِما المُسْتَلْزَمانِ لِلْقُدْرَةِ التّامَّةِ والتَّصَرُّفِ الكُلِّيِّ فِيهِما وفِيما فِيهِما، إيجادًا وإعْدامًا، وإحْياءً وإماتَةً، وأمْرًا ونَهْيًا حَسَبَما تَقْتَضِيهِ مَشِيئَتُهُ المَبْنِيَّةُ عَلى الحِكَمِ والمَصالِحِ، ومَحَلُّهُ الرَّفْعُ عَلى أنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِما قَبْلَها، أوْ عَلى أنَّهُ نَعْتٌ لِلْمَوْصُولِ الأوَّلِ، أوْ بَيانٌ لَهُ، أوْ بَدَلٌ مِنهُ، وما بَيْنَهُما لَيْسَ بِأجْنَبِيٍّ لِأنَّهُ مِن تَمامِ صِلَتِهِ ومَعْلُومِيَّةِ مَضْمُونِهِ لِلْكَفَرَةِ مِمّا لا رَيْبَ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ مَن رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ ورَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ﴾ ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ...﴾ ونَظائِرِهِ، أوْ مَدْحٌ لَهُ تَعالى بِالرَّفْعِ أوْ بِالنَّصْرِ.
﴿وَلَمْ يَتَّخِذْ ولَدًا﴾ كَما يَزْعُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ في حَقِّ المَسِيحِ والمَلائِكَةِ ما يَقُولُونَ فَسُبْحانَ اللَّهِ عَمّا يَصِفُونَ، وهو مَعْطُوفٌ عَلى ما قَبْلَهُ مِنَ الجُمْلَةِ الظَّرْفِيَّةِ ونَظْمُهُ في سِلْكَ الصِّلَةِ لِلْإيذانِ بِأنَّ مَضْمُونَهُ مِنَ الوُضُوحِ والظُّهُورِ بِحَيْثُ لا يَكادُ يَجْهَلُهُ جاهِلٌ لا سِيَّما بَعْدَ تَقْرِيرِ ما قَبْلَهُ.
﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ في المُلْكِ﴾ أيْ: مُلْكُ السَّمَواتِ والأرْضِ، وهو أيْضًا عَطْفٌ عَلى الصِّلَةِ، وإفْرادُهُ بِالذِّكْرِ مَعَ أنَّ ما ذُكِرَ مِنِ اخْتِصاصِ مُلْكِهِما بِهِ تَعالى مُسْتَلْزِمٌ لَهُ قَطْعًا لِلتَّصْرِيحِ بِبُطْلانِ زَعْمِ الثَّنْوِيَّةِ القائِلِينَ بِتَعَدُّدِ الآلِهَةِ والدَّرْءِ في نُحُورِهِمْ، وتَوْسِيطُ نَفْيِ اتِّخاذِ الوَلَدِ بَيْنَهُما لِلتَّنْبِيهِ عَلى اسْتِقْلالِهِ وأصالَتِهِ والِاحْتِرازِ عَنْ تَوَهُّمِ كَوْنِهِ تَتِمَّةً لِلْأوَّلِ.
﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ أيْ: أحْدَثَ كُلَّ مَوْجُودٍ مِنَ المَوْجُوداتِ إحْداثًا جارِيًا عَلى سَنَنِ التَّقْدِيرِ حَسَبَما اقْتَضَتْهُ إرادَتُهُ المَبْنِيَّةُ عَلى الحِكَمِ البالِغَةِ بِأنْ خَلَقَ كُلًّا مِنها مِن مَوادَّ مَخْصُوصَةٍ عَلى صُوَرٍ مُعَيَّنَةٍ ورَتَّبَ فِيهِ قُوى وخَواصَّ مُخْتَلِفَةَ الآثارِ والأحْكامِ.
﴿فَقَدَّرَهُ﴾ أيْ: هَيَّأهُ لِما أرادَ بِهِ مِنَ الخَصائِصِ والأفْعالِ اللّائِقَةِ بِهِ.
﴿تَقْدِيرًا﴾ بَدِيعًا لا يُقادَرُ قَدْرُهُ ولا يُبْلَغُ كُنْهُهُ، كَتَهْيِئَةِ الإنْسانِ لِلْفَهْمِ والإدْراكِ والنَّظَرِ والتَّدَبُّرِ في أُمُورِ المَعاشِ والمَعادِ واسْتِنْباطِ الصَّنائِعِ المُتَنَوِّعَةِ ومُزاوَلَةِ الأعْمالِ المُخْتَلِفَةِ وهَكَذا أحْوالُ سائِرِ الأنْواعِ. وقِيلَ: أُرِيدَ بِالخَلْقِ مُطْلَقُ الإيجادِ والإحْداثِ مَجازًا مِن غَيْرِ مُلاحَظَةِ مَعْنى التَّقْدِيرِ وإنْ لَمْ يَخْلُ عَنْهُ في نَفْسِ الأمْرِ، فالمَعْنى أوْجَدَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ في ذَلِكَ الإيجادِ تَقْدِيرًا،وَأمّا ما قِيلَ مِن أنَّهُ أنَّهُ سَمّى إحْداثَهُ تَعالى خَلْقًا لِأنَّهُ تَعالى لا يُحْدِثُ شَيْئًا إلّا عَلى وجْهِ التَّقْدِيرِ مِن غَيْرِ تَفاوُتٍ فَفِيهِ أنَّ ارْتِكابَ المَجازِ بِحَمْلِ الخَلْقِ عَلى مُطْلَقِ الإحْداثِ لِتَجْرِيدِهِ عَنْ مَعْنى التَّقْدِيرِ فاعْتِبارُهُ فِيهِ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ مُخِلٌّ بِالمَرامِ قَطْعًا. وقِيلَ: المُرادُ بِالتَّقْدِيرِ الثّانِي: هو التَّقْدِيرُ لِلْبَقاءِ إلى الأجَلِ المُسَمّى، وأيًّا ما كانَ فالجُمْلَةُ جارِيَةٌ مَجْرى التَّعْلِيلِ لِما قَبْلَها مِنَ الجُمَلِ المُنْتَظِمَةِ مَثَّلَها في سِلْكَ الصِّلَةِ، فَإنَّ خَلْقَهُ تَعالى لِجَمِيعِ الأشْياءِ عَلى ذَلِكَ النَّمَطِ البَدِيعِ كَما يَقْتَضِي اسْتِقْلالَهُ تَعالى بِاتِّصافِهِ بِصِفاتِ الأُلُوهِيَّةِ يَقْتَضِي انْتِظامَ كُلِّ ما سِواهُ كائِنًا ما كانَ تَحْتَ مَلَكُوتِهِ القاهِرَةِ بِحَيْثُ لا يَشِذُّ عَنْها شَيْءٌ مِن ذَلِكَ قَطْعًا وما كانَ كَذَلِكَ كَيْفَ يُتَوَهَّمُ كَوْنُهُ ولَدًا لَهُ سُبْحانَهُ أوْ شَرِيكًا في مُلْكِهِ.
{"ayah":"ٱلَّذِی لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ یَتَّخِذۡ وَلَدࣰا وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ شَرِیكࣱ فِی ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَیۡءࣲ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











