الباحث القرآني

﴿تَبارَكَ الَّذِي﴾ أيْ: تَكاثَرَ وتَزايَدَ خَيْرُ الِّذِي ﴿إنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ﴾ في الدُّنْيا عاجِلًا شَيْئًا ﴿خَيْرًا﴾ لَكَ ﴿مِن ذَلِكَ﴾ الَّذِي اقْتَرَحُوهُ مِن أنْ يَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ تَأْكُلُ مِنها بِأنْ يُعَجِّلَ لَكَ مِثْلَ ما وعَدَكَ في الآخِرَةِ. وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ بَدَلٌ مِن "خَيْرًا" ومُحَقِّقٌ لِخَيْرِيَّتِهِ مِمّا قالُوا لِأنَّ ذَلِكَ كانَ مُطْلَقًا عَنْ قَيْدِ التَّعَدُّدِ وجَرَيانِ الأنْهارِ. ﴿وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا﴾ عَطْفٌ عَلى مَحَلِّ الجَزاءِ الَّذِي هو جَعْلٌ، وقُرِئَ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلى نَفْسِهِ لِأنَّ الشَّرْطَ إذا كانَ ماضِيًا جازَ في جَزائِهِ الرَّفْعُ والجَزْمُ كَما في قَوْلِ القائِلِ: ؎ وإنْ أتاهُ خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْألَةٍ ∗∗∗ يَقُولُ لا غائِبٌ مالِي ولا حَرِمُ وَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ اسْتِئْنافًا بِوَعْدِ ما يَكُونُ لَهُ في الآخِرَةِ، وقُرِئَ بِالنَّصْبِ عَلى أنَّهُ جَوابٌ بِالواوِ وتَعْلِيقُ ذَلِكَ بِمَشِيئَتِهِ تَعالى لِلْإيذانِ بِأنَّ عَدَمَ جَعْلِها بِمَشِيئَتِهِ المَبْنِيَّةِ عَلى الحِكَمِ والمَصالِحِ، وعَدَمُ التَّعَرُّضِ لِجَوابِ الِاقْتِراحَيْنِ الأوَّلَيْنِ لِلتَّنْبِيهِ عَلى خُرُوجِهِما عَنْ دائِرَةِ العَقْلِ واسْتِغْنائِهِما عَنِ الجَوابِ لِظُهُورِ بُطْلانِهِما ومُنافاتِهِما لِلْحِكْمَةِ التَّشْرِيعِيَّةِ، وإنَّما الَّذِي لَهُ وجْهٌ في الجُمْلَةِ هو الِاقْتِراحُ الأخِيرُ فَإنَّهُ غَيْرُ مُنافٍ لِلْحِكْمَةِ بِالكُلِّيَّةِ فَإنَّ بَعْضَ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ قَدْ أُوتُوا في الدُّنْيا مَعَ النُّبُوَّةِ مُلْكًا عَظِيمًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب