الباحث القرآني
﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ اسْتِئْنافٌ جِيءَ بِهِ في أواخِرِ الأحْكامِ السّابِقَةِ تَقْرِيرًا لَها وتَأْكِيدًا لِوُجُوبِ مُراعاتِها وتَكْمِيلًا لَها بِبَيانِ بَعْضٍ آخَرَ مِن جِنْسِها، وإنَّما ذُكِرَ الإيمان باللَّهِ ورَسُولِهِ في حَيِّزِ الصِّلَةِ لِلْمَوْصُولِ الواقِعِ خَبَرًا لِلْمُبْتَدَأِ مَعَ تَضَمُّنِهِ لَهُ قَطْعًا تَقْرِيرًا لِما قَبْلَهُ وتَمْهِيدًا لِما بَعْدَهُ وإيذانًا بِأنَّهُ حَقِيقٌ بِأنْ يَجْعَلَ قَرِينًا لِلْإيمانِ بِهِما مُنْتَظِمًا في سِلْكِهِ، فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذا كانُوا مَعَهُ عَلى أمْرٍ جامِعٍ﴾ إلَخِ مَعْطُوفٌ عَلى "آمَنُوا" داخِلٌ مَعَهُ في حَيِّزِ الصِّلَةِ، أيْ: إنَّما الكامِلُونَ في الإيمانِ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ عَنْ صَمِيمِ قُلُوبِهِمْ وأطاعُوهُما في جَمِيعِ الأحْكامِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها ما فُصِّلَ مِن قَبْلُ مِنَ الأحْكامِ المُتَعَلِّقَةِ بِعامَّةِ أحْوالِهِمُ المُطَّرِدَةِ في الوُقُوعِ وأحْوالِهِمُ الواقِعَةِ بِحَسَبِ الِاتِّفاقِ كَما إذا كانُوا مَعَهُ ﷺ عَلى أمْرٍ مُهِمٍّ يَجِبُ اجْتِماعُهم في شَأْنِهِ كالجُمْعَةِ والأعْيادِ والحُرُوبِ وغَيْرِها مِنَ الأُمُورِ الدّاعِيَةِ إلى اجْتِماعِ أُولِي الآراءِ والتَّجارِبِ ووَصْفُ الأمْرِ بِالجَمْعِ لِلْمُبالَغَةِ. وقُرِئَ: "أمْرٍ جَمِيعٍ" .
﴿لَمْ يَذْهَبُوا﴾ أيْ: مِنَ المَجْمَعِ مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ الأمْرِ مِمّا لا يُوجِبُ حُضُورَهم لا مَحالَةَ كَما عِنْدَ إقامَةِ الجُمْعَةِ ولِقاءِ العَدُوِّ بَلْ يُسَوِّغُ التَّخَلُّفَ عَنْهُ.
﴿حَتّى يَسْتَأْذِنُوهُ﴾ ﷺ في الذَّهابِ لا عَلى أنَّ نَفْسَ الِاسْتِئْذانِ غايَةٌ لِعَدَمِ الذَّهابِ بَلِ الغايَةُ هي الإذْنُ المَنُوطُ بِرَأْيِهِ صَلّى اللَّهُ وعَلَيْهِ وسَلَّمَ، والِاقْتِصارِ عَلى ذِكْرِهِ لِأنَّهُ الَّذِي يَتِمُّ مِن قَبْلِهِمْ وهو المُعْتَبِرُ في كَمالِ الإيمانِ لا الإذْنُ ولا الذَّهابُ المُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ، واعْتِبارُهُ في ذَلِكَ لِما أنَّهُ كالمِصْداقِ لِصِحَّتِهِ والمُمَيِّزِ لِلْمُخْلِصِ فِيهِ عَنِ المُنافِقِ فَإنَّ دَيْدَنَهُ التَّسَلُّلُ لِلْفِرارِ، ولِتَعْظِيمِ ما في الذَّهابِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ﷺ مِنَ الجِنايَةِ ولِلتَّنْبِيهِ عَلى ذَلِكَ عَقَّبَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ فَقَضى بِأنَّ المُسْتَأْذِنِينَ هُمُ المُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ كَما حَكَمَ في الأوَّلِ بِأنَّ الكامِلِينَ في الإيمانِ هُمُ الجامِعُونَ بَيْنَ الإيمانِ بِهِما وبَيْنَ الِاسْتِئْذانِ، وفي "أُولَئِكَ" مِن تَفْخِيمِ شَأْنِ المُسْتَأْذِنِينَ ما لا يَخْفى.
﴿فَإذا اسْتَأْذَنُوكَ﴾ بَيانٌ لِما هو وظِيفَتُهُ ﷺ في هَذا البابِ إثْرَ بَيانِ ما هو وظِيفَةُ المُؤْمِنِينَ، وأنَّ الإذْنَ عِنْدَ الِاسْتِئْذانِ (p-198)لَيْسَ بِأمْرٍ مَحْتُومٍ بَلْ هو مُفَوَّضٌ إلى رَأْيِهِ ﷺ، والفاءُ لِتَرْتِيبِ ما بَعْدَها عَلى ما قَبْلَها، أيْ: بَعْدَ ما تَحَقَّقَ أنَّ الكامِلِينَ في الإيمانِ هُمُ المُسْتَأْذِنُونَ، فَإذا اسْتَأْذَنُوكَ ﴿لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ﴾ أيْ: لِبَعْضِ أمْرِهِمُ المُهِمِّ وخَطْبِهِمُ المُلِمُّ ﴿فَأْذَنْ لِمَن شِئْتَ مِنهُمْ﴾ لِما عَلِمْتَ في ذَلِكَ مِن حِكْمَةٍ ومَصْلَحَةٍ ﴿واسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ﴾ فَإنَّ الِاسْتِئْذانَ وإنْ كانَ لِعُذْرٍ قَوِيَ لا يَخْلُو عَنْ شائِبَةِ تَقْدِيمِ أمْرِ الدُّنْيا عَلى أمْرِ الآخِرَةِ.
﴿إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ﴾ مُبالِغٌ في مَغْفِرَةِ فُرُطاتِ العِبادِ ﴿رَحِيمٌ﴾ مُبالِغٌ في إفاضَةِ آثارِ الرَّحْمَةِ عَلَيْهِمْ، والجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِلْمَغْفِرَةِ المَوْعُودَةِ في ضِمْنِ الأمْرِ بِالِاسْتِغْفارِ لَهم.
{"ayah":"إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَإِذَا كَانُوا۟ مَعَهُۥ عَلَىٰۤ أَمۡرࣲ جَامِعࣲ لَّمۡ یَذۡهَبُوا۟ حَتَّىٰ یَسۡتَـٔۡذِنُوهُۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَـٔۡذِنُونَكَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ فَإِذَا ٱسۡتَـٔۡذَنُوكَ لِبَعۡضِ شَأۡنِهِمۡ فَأۡذَن لِّمَن شِئۡتَ مِنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمُ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











