الباحث القرآني

﴿أفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ إنْكارٌ واسْتِقْباحٌ لِإعْراضِهِمُ المَذْكُورِ وبَيانٌ لِمَنشَئِهِ بَعْدَ اسْتِقْصاءِ عِدَّةٍ مِنَ القَبائِحِ المُحَقَّقَةِ فِيهِمْ والمُتَوَقَّعَةِ مِنهم، وتَرْدِيدِ المَنشَئِيَّةِ بَيْنَها فَمَدارُ الِاسْتِفْهامِ لَيْسَ نَفْسَ ما ولِيَتْهُ الهَمْزَةُ. وأمْرٌ مِنَ الأُمُورِ الثَّلاثَةِ بَلْ هو مَنشَئِيَّتُها لَهُ كَأنَّهُ قِيلَ: أذَلِكَ، أيْ: إعْراضُهُمُ المَذْكُورُ لِأنَّهم مَرْضى القُلُوبِ لِكُفْرِهِمْ ونِفاقِهِمْ. ﴿أمِ﴾ لِأنَّهم ﴿ارْتابُوا﴾ في أمْرِ نُبُوَّتِهِ ﷺ مَعَ ظُهُورِ حَقِّيَّتِها ﴿أمِ﴾ لِأنَّهم ﴿يَخافُونَ أنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ورَسُولُهُ﴾ . ثُمَّ أُضْرِبَ عَنِ الكُلِّ وأُبْطِلَتْ مَنِشَئِيَّتُهُ وحُكِمَ بِأنَّ المَنشَأ شَيْءٌ آخَرُ مِن شَنائِعِهِمْ حَيْثُ قِيلَ: ﴿بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ﴾ أيْ: لَيْسَ ذَلِكَ لِشَيْءٍ مِمّا ذُكِرَ، أمّا الأوَّلانِ فَلِأنَّهُ لَوْ كانَ لِشَيْءٍ مِنها لَأعْرَضُوا عَنْهُ ﷺ عِنْدَ كَوْنِ الحَقِّ لَهم، ولِما أتَوْا إلَيْهِ ﷺ مُذْعِنِينَ لِحُكْمِهِ لِتَحَقُّقِ نِفاقِهِمْ وارْتِيابِهِمْ حِينَئِذٍ أيْضًا، وأمّا الثّالِثُ فَلِانْتِفائِهِ رَأْسًا حَيْثُ كانُوا لا يَخافُونَ الحَيْفَ أصْلًا لِمَعْرِفَتِهِمْ بِتَفاصِيلِ أحْوالِهِ ﷺ في الأمانَةِ والثَّباتِ عَلى الحَقِّ، بَلْ لِأنَّهم هُمُ الظّالِمُونَ يُرِيدُونَ أنْ يَظْلِمُوا مَن لَهُ الحَقُّ عَلَيْهِمْ ويَتِمُّ لَهم جُحُودُهُ فَيَأْبَوْنَ المُحاكَمَةَ إلَيْهِ ﷺ لِعِلْمِهِمْ بِأنَّهُ ﷺ يَقْضِي عَلَيْهِمْ بِالحَقِّ، فَمَناطُ النَّفْيِ المُسْتَفادِ مِنَ الإضْرابِ في الأوَّلِينَ هو وصْفُ مَنشَئِيَّتِهِما لِلْإعْراضِ فَقَطْ مَعَ تَحَقُّقِهِما في نَفْسِهِما، وفي الثّالِثِ هو الأصْلُ والوَصْفُ جَمِيعًا. هَذا وقَدْ خُصَّ الِارْتِيابُ بِمالِهِ مُنْشَأٌ مُصَحِّحٌ لِعُرُوضِهِ لَهم في الجُمْلَةِ، والمَعْنى: أمِ ارْتابُوا بِأنْ رَأوْا مِنهُ ﷺ تُهْمَةً فَزالَتْ ثِقَتُهم ويَقِينُهم بِهِ ﷺ، فَمَدارُ النَّفْيِ حِينَئِذٍ نَفْسُ الِارْتِيابِ ومَنشَئِيَّتُهُ مَعًا، فَتَأمَّلَ فِيما ذُكِرَ عَلى التَّفْصِيلِ ودَعْ عَنْكَ ما قِيلَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب