الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿الخَبِيثاتُ﴾ إلَخِ كَلامٌ مُسْتَأْنَفٌ مَسُوقٌ عَلى قاعِدَةِ السُّنَّةِ الإلَهِيَّةِ الجارِيَةِ فِيما بَيْنَ الخَلْقِ عَلى مُوجِبٍ أنَّ لِلَّهِ تَعالى مَلَكًا يَسُوقُ الأهْلَ إلى الأهْلِ، أيِ: الخَبِيثاتُ مِنَ النِّساءِ ﴿لِلْخَبِيثِينَ﴾ مِنَ الرِّجالِ، أيْ: مُخْتَصّاتٌ بِهِمْ لا يَكَدْنَ يَتَجاوَزْنَهم إلى غَيْرِهِمْ عَلى أنَّ اللّامَ لِلِاخْتِصاصِ. ﴿والخَبِيثُونَ﴾ أيْضًا ﴿لِلْخَبِيثاتِ﴾ لِأنَّ المُجانَسَةَ مِن دَواعِي الِانْضِمامِ. ﴿والطَّيِّباتُ﴾ مِنهُنَّ ﴿لِلطَّيِّبِينَ﴾ أيْضًا مِنهم ﴿والطَّيِّبُونَ﴾ أيْضًا ﴿لِلطَّيِّباتِ﴾ مِنهُنَّ بِحَيْثُ لا يَكادُونَ يُجاوِزُوهُنَّ إلى مَن عَداهُنَّ، وحَيْثُ كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أطْيَبَ الأطْيَبِينَ وخِيرَةَ الأوَّلِينَ والآخَرِينَ تَبَيَّنَ كَوْنُ الصِّدِّيقَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها مِن أطْيَبِ الطَّيِّباتِ بِالضَّرُورَةِ واتَّضَحَ بُطْلانُ ما قِيلَ في حَقِّها مِنَ الخُرافاتِ حَسَبَما نَطَقَ بِهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمّا يَقُولُونَ﴾ عَلى أنَّ الإشارَةَ إلى أهْلِ البَيْتِ المُنْتَظِمِينَ لِلصِّدِّيقَةِ انْتِظامًا أوَّلِيًّا، وقِيلَ: إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، والصِّدِّيقَةِ، وصَفْوانَ. و"ما" في اسْمِ الإشارَةِ مِن مَعْنى البُعْدِ لِلْإيذانِ بِعُلُوِّ رُتْبَةِ المُشارِ إلَيْهِمْ وبُعْدِ مَنـزِلَتِهِمْ في الفَضْلِ، أيْ: أُولَئِكَ المَوْصُوفُونَ بِعُلُوِّ الشَّأْنِ مُبَرَّءُونَ مِمّا تَقَوَّلَهُ أهْلُ الإفْكِ في حَقِّهِمْ مِنَ الأكاذِيبِ الباطِلَةِ. وقِيلَ: الخَبِيثاتُ مِنَ القَوْلِ لِلْخَبِيثِينَ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ، أيْ: مُخْتَصَّةٌ ولائِقَةٌ بِهِمْ لا يَنْبَغِي أنْ تُقالَ في حَقِّ غَيْرِهِمْ، وكَذا الخَبِيثُونَ مِنَ الفَرِيقَيْنِ أحِقّاءٌ، بِأنْ يُقالَ في حَقِّهِمْ خَبائِثُ القَوْلِ، والطَّيِّباتُ مِنَ الكَلِمِ لِلطَّيِّبِينَ مِنَ الفَرِيقَيْنِ مُخْتَصَّةٌ وحَقِيقَةٌ بِهِمْ وهم أحِقّاءٌ، بِأنْ يُقالَ في شَأْنِهِمْ طَيِّباتُ الكَلِمِ أُولَئِكَ الطَّيِّبُونَ مُبَرَّءُونَ مِمّا يَقُولُ الخَبِيثُونَ في حَقِّهِمْ، فَمَآَلُهُ تَنْـزِيهُ الصِّدِّيقَةِ أيْضًا. وقِيلَ: خَبِيثاتُ القَوْلِ مُخْتَصَّةٌ بِالخَبِيثِينَ مِن فَرِيقَيِ الرِّجالِ والنِّساءِ لا تَصْدُرُ عَنْ غَيْرِهِمْ، والخَبِيثُونَ مِنَ الفَرِيقَيْنِ مُخْتَصُّونَ بِخَبائِثِ القَوْلِ مُتَعَرِّضُونَ لَها، والطَّيِّباتُ مِنَ الكَلامِ لِلطَّيِّبِينَ مِنَ الفَرِيقَيْنِ، أيْ: مُخْتَصَّةٌ بِهِمْ لا تَصْدُرُ عَنْ غَيْرِهِمْ والطَّيِّبُونَ مِنَ الفَرِيقَيْنِ مُخْتَصُّونَ بِطَيِّباتِ الكَلامِ لا يَصْدُرُ عَنْهم غَيْرُها، أُولَئِكَ الطَّيِّبُونَ مُبَرَّءُونَ مِمّا يَقُولُهُ الخَبِيثُونَ مِنَ (p-168)الخَبائِثِ، أيْ: لا يَصْدُرُ عَنْهم مِثْلُ ذَلِكَ، فَمَآلُهُ تَنْـزِيهُ القائِلِينَ: سُبْحانَكَ هَذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ. ﴿لَهم مَغْفِرَةٌ﴾ عَظِيمَةٌ لِما لا يَخْلُو عَنْهُ البَشَرُ مِنَ الذُّنُوبِ. ﴿وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ هو الجَنَّةُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب