الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الحَقَّ﴾ أيْ: يَوْمَ إذْ تَشْهَدُ جَوارِحُهم بِأعْمالِهِمُ القَبِيحَةِ يُعْطِيهِمُ اللَّهُ تَعالى جَزاءَهُمُ الثّابِتَ الَّذِي يُحَقِّقُ أنْ يَثْبُتَ (p-167)لَهم لا مَحالَةَ وافِيًا كامِلًا كَلامٌ مُبْتَدَأٌ مَسُوقٌ لِبَيانِ تَرْتِيبِ حُكْمِ الشَّهادَةِ عَلَيْها مُتَضَمِّنٌ لِبَيانِ ذَلِكَ المُبْهَمِ المَحْذُوفِ عَلى وجْهِ الإجْمالِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ يَوْمَ يَشْهَدُ ظَرْفًا لِيُوَفِّيَهم، و"يَوْمَئِذٍ" بَدَلًا مِنهُ. وقِيلَ: هو مَنصُوبٌ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، أيِ: اذْكُرْ يَوْمَ تَشْهَدُ بِالتَّذْكِيرِ لِلْفَصْلِ. ﴿وَيَعْمَلُونَ﴾ عِنْدَ مُعايَنَتِهِمُ الأهْوالَ والخُطُوبَ حَسَبَما نَطَقَ بِهِ القرآن الكَرِيمُ. ﴿أنَّ اللَّهَ هو الحَقُّ﴾ الثّابِتُ الَّذِي يَحِقُّ أنْ يَثْبَتَ لا مَحالَةَ في ذاتِهِ وصْفًا وأفْعالِهِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها كَلِماتُها التّامّاتُ المُنْبِئَةُ عَنِ الشُّؤُونِ الَّتِي يُشاهِدُونَها مُنْطَبِقَةً عَلَيْها. ﴿المُبِينُ﴾ المُظْهِرُ لِلْأشْياءِ كَما هي في أنْفُسِها، أوِ الظّاهِرُ أنَّهُ هو الحَقُّ وتَفْسِيرُهُ بِظُهُورِ أُلُوهِيَّتِهِ تَعالى وعَدَمِ مُشارَكَةِ الغَيْرِ لَهُ فِيها وعَدَمِ قُدْرَةِ ما سِواهُ عَلى الثَّوابِ والعِقابِ لَيْسَ لَهُ كَثِيرُ مُناسَبَةٍ لِلْمَقامِ، كَما أنَّ تَفْسِيرَ الحَقِّ بِذِي الحَقِّ البَيِّنِ، أيِ: العادِلُ الظّاهِرُ عَدْلُهُ. كَذَلِكَ ولَوْ تَتَبَّعْتَ ما في الفُرْقانِ المَجِيدِ مِن آياتِ الوَعِيدِ الوارِدَةِ في حَقِّ كُلِّ كَفّارٍ مَرِيدٍ وجَبّارٍ عَنِيدٍ لا تَجِدُ شَيْئًا مِنها فَوْقَ هاتِيكَ القَوارِعِ المَشْحُونَةِ بِفُنُونِ التَّهْدِيدِ والتَّشْدِيدِ، وما ذاكَ إلّا لِإظْهارِ مَنزِلَةِ النَّبِيِّ ﷺ في عُلُوِّ الشَّأْنِ والنَّباهَةِ وإبْرازِ رُتْبَةِ الصِّدِّيقَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها في العِفَّةِ والنَّزاهَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب