الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ﴾ إلَخِ إمّا مُتَّصِلٌ بِما قَبْلَهُ مَسُوقٌ لِتَقْرِيرِ العَذابِ المَذْكُورِ بِتَعْيِينِ وقْتِ حُلُولِهِ وتَهْوِيلِهِ بِبَيانِ ظُهُورِ جِناياتِهِمُ المُوجِبَةِ لَهُ مَعَ سائِرِ جِناياتِهِمُ المُسْتَتْبَعَةِ لِعُقُوباتِها عَلى كَيْفِيَّةٍ هائِلَةٍ وهَيْئَةٍ خارِقَةٍ لِلْعاداتِ، فَيَوْمَ ظَرْفٌ لِما في الجارِّ والمَجْرُورِ المُتَقَدِّمِ مِن مَعْنى الِاسْتِقْرارِ لا لِعَذابٍ وإنْ أغْضَيْنا عَنْ وصْفِهِ لِإخْلالِهِ بِجَزالَةِ المَعْنى، وإمّا مُنْقَطِعٌ عَنْهُ مَسُوقٌ لِتَهْوِيلِ اليَوْمِ بِتَهْوِيلِ ما يَحْوِيهِ عَلى أنَّهُ ظَرْفٌ لِفِعْلٍ مُؤَخَّرٍ قَدْ ضُرِبَ عَنْهُ الذِّكْرُ صَفْحًا لِلْإيذانِ بِقُصُورِ العِبارَةِ عَنْ تَفْصِيلِ ما يَقَعُ فِيهِ مِنَ الطّامَّةِ التّامَّةِ والدّاهِيَةِ العامَّةِ، كَأنَّهُ قِيلَ: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ ﴿ألْسِنَتُهم وأيْدِيهِمْ وأرْجُلُهم بِما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ يَكُونُ مِنَ الأحْوالِ والأهْوالِ ما لا يُحِيطُ بِهِ حِيطَةُ المَقالِ عَلى أنَّ المَوْصُولَ المَذْكُورَ عِبارَةٌ عَنْ جَمِيعِ أعْمالِهِمُ السَّيِّئَةِ وجِناياتِهِمُ القَبِيحَةِ، لا عَنْ جِناياتِهِمُ المَعْهُودَةِ فَقَطْ، ومَعْنى شَهادَةِ الجَوارِحِ المَذْكُورَةِ بِها أنَّهُ تَعالى يُنْطِقُها بِقدرته فَتُخْبِرُ كُلُّ جارِحَةٍ مِنها بِما صَدَرَ عَنْها مِن أفاعِيلِ صاحِبِها لا أنَّ كُلًّا مِنها يُخْبِرُ بِجِناياتِهِمُ المَعْهُودَةِ فَحَسْبُ، والمَوْصُولُ والمَحْذُوفُ عِبارَةٌ عَنْها وعَنْ فُنُونِ العُقُوباتِ المُتَرَتِّبَةِ عَلَيْها كافَّةً لا عَنْ إحْداهُما خاصَّةً، فَفِيهِ مِن ضُرُوبِ التَّهْوِيلِ وبِالإجْمالِ والتَّفْصِيلِ ما لا مَزِيدَ عَلَيْهِ، وجَعْلُ المَوْصُولِ المَذْكُورِ عِبارَةً عَنْ خُصُوصِ جِناياتِهِمُ المَعْهُودَةِ وحَمْلُ شَهادَةِ الجَوارِحِ عَلى إخْبارِ الكُلِّ بِها فَقَطْ تَحْجِيرٌ لِلْواسِعِ وتَهْوِينٌ لِأمْرِ الوازِعِ، والجَمْعُ بَيْنَ صِيغَتَيِ الماضِي والمُسْتَقْبَلِ لِلدَّلالَةِ عَلى اسْتِمْرارِهِمْ عَلَيْها في الدُّنْيا، وتَقْدِيمُ "عَلَيْهِمْ" عَلى الفاعِلِ لِلْمُسارَعَةِ إلى بَيانِ كَوْنِ الشَّهادَةِ ضارَّةً لَهم مَعَ ما فِيهِ مِنَ التَّشْوِيقِ إلى المُؤَخَّرِ كَما مَرَّ مِرارًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب