الباحث القرآني

﴿وَلا يَأْتَلِ﴾ أيْ: لا يَحْلِفُ افْتِعالٌ مِنَ الألِيَّةِ، وقِيلَ: لا يُقَصِّرُ مِنَ الألْوِ، والأوَّلُ هو الأظْهَرُ لِنُـزُولِهِ في شَأْنِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ حَلَفَ أنْ لا يُنْفِقَ عَلى مِسْطَحٍ بَعْدُ وكانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ ابْنَ خالَتِهِ وكانَ مِن فُقَراءِ المُهاجِرِينَ، ويَعْضُدُهُ قِراءَةُ مَن قَرَأ: "وَلا يَتَألَّ" . ﴿أُولُو الفَضْلِ مِنكُمْ﴾ في الدِّينِ، وكَفى بِهِ دَلِيلًا عَلى فَضْلِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ. ﴿والسَّعَةِ﴾ في المالِ ﴿أنْ يُؤْتُوا﴾ أيْ: عَلى أنْ لا يُؤْتُوا، أوْ قُرِئَ بِناءَ الخِطابِ عَلى الِالتِفاتِ. ﴿أُولِي القُرْبى والمَساكِينَ والمُهاجِرِينَ في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ صِفاتٌ لِمَوْصُوفٍ واحِدٍ جِيءَ بِها بِطَرِيقِ العَطْفِ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ كُلًّا مِنها عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِاسْتِحْقاقِهِ الإيتاءَ، وقِيلَ: لِمَوْصُوفاتٍ أُقِيمَتْ هي مَقامُها، وحُذِفَ المَفْعُولُ الثّانِي لِغايَةِ ظُهُورِهِ، أيْ: عَلى أنْ لا يُؤْتُوهم شَيْئًا. ﴿وَلْيَعْفُوا﴾ ما فَرَطَ مِنهم ﴿وَلْيَصْفَحُوا﴾ بِالإغْضاءِ عَنْهُ، وقَدْ قُرِئَ الأمْرانِ بِتاءِ الخِطابِ عَلى وفْقِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ألا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ أيْ: بِمُقابَلَةِ عَفْوِكم وصَفْحِكم وإحْسانِكم إلى مَن أساءَ إلَيْكم. ﴿واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ مُبالِغٌ في المَغْفِرَةِ والرَّحْمَةِ مَعَ كَمالِ قدرته عَلى المُؤاخَذَةِ وكَثْرَةِ ذُنُوبِ الدّاعِيَةِ إلَيْها، وفِيهِ تَرْغِيبٌ عَظِيمٌ في العَفْوِ ووَعْدٌ كَرِيمٌ بِمُقابَلَتِهِ، كَأنَّهُ قِيلَ: ألا تُحِبُّونَ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكم ؟ فَهَذا مِن مُوجِباتِهِ. رَوى «أنَّهُ ﷺ قَرَأها عَلى أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقالَ: بَلى أُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ نَفَقَتَهُ، وقالَ: اللَّهُ أعْلَمُ لا أنْزِعُها أبَدًا» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب