الباحث القرآني

﴿والبُدْنَ﴾ بِضَمِّ الباءِ وسُكُونِ الدّالِ، وقُرِئَ بِضَمِّها وهُما جَمْعا بَدَنَةٍ، وقِيلَ: الأصْلُ ضَمُّ الدّالِ كَخُشُبٍ وخَشَبَةٍ والتَّسْكِينُ تَخْفِيفٌ مِنهُ. وقُرِئَ بِتَشْدِيدِ النُّونِ عَلى لَفْظِ الوَقْفِ، وإنَّما سُمِّيَتْ بِها الإبِلُ لِعِظَمِ بَدَنِها مَأْخُوذَةٌ مِن بَدَنَ بَدانَةً، وحَيْثُ شارَكَها البَقَرَةُ في الإجْزاءِ عَنْ سَبْعَةٍ بِقَوْلِهِ ﷺ: ﴿البَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ والبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ جُعِلا في الشَّرِيعَةِ جِنْسًا واحِدًا﴾ وانْتِصابُهُ بِمُضْمَرٍ يُفَسِّرُهُ. ﴿جَعَلْناها لَكُمْ﴾ وقُرِئَ بِالرَّفْعِ عَلى أنَّهُ مُبْتَدَأٌ والجُمْلَةُ خَبَرُهُ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِن شَعائِرِ اللَّهِ﴾ أيْ: مِن أعْلامِ دِينِهِ الَّتِي شَرَعَها اللَّهُ تَعالى مَفْعُولٌ ثانٍ لِلْجَعْلِ، ولَكم ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَكم فِيها خَيْرٌ﴾ أيْ: مَنافِعُ دِينِيَّةٍ ودُنْيَوِيَّةٍ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرَّرَةٌ لِما قَبْلَها. ﴿فاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها﴾ بِأنْ تَقُولُوا عِنْدَ ذَبْحِها: اللَّهُ أكْبَرُ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ واللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُمَّ مِنكَ وإلَيْكَ. ﴿صَوافَّ﴾ أيْ: قائِماتٍ قَدْ صَفَفْنَ أيْدِيهِنَّ وأرْجُلِهِنَّ. وقُرِئَ: "صَوافِنَ" مِن صَفَنَ الفَرَسُ إذا قامَ عَلى ثَلاثٍ وعَلى طَرَفِ سُنْبُكِ الرّابِعَةِ لِأنَّ البَدَنَةَ تُعْقَلُ إحْدى يَدَيْها فَتَقُومُ عَلى ثَلاثٍ، وقُرِئَ: "صَوافًا" بِإبْدالِ التَّنْوِينِ مِن حَرْفِ الإطْلاقِ عِنْدَ الوَقْفِ. وقُرِئَ: "صَوافِي" أيْ: خَوالِصَ لِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، و"صَوافْ" عَلى لُغَةِ مَن يُسَكِّنُ الياءَ عَلى الإطْلاقِ كَما في قَوْلِهِ: لَعَلِّي أرى باقٍ عَلى الحَدَثانِ ﴿فَإذا وجَبَتْ جُنُوبُها﴾ سَقَطَتْ عَلى الأرْضِ، وهو كِنايَةٌ عَنِ المَوْتِ ﴿فَكُلُوا مِنها وأطْعِمُوا القانِعَ﴾ الرّاضِيَ بِما عِنْدَهُ وبِما يُعْطى مِن غَيْرِ مَسْألَةٍ، ويُؤَيِّدُهُ أنَّهُ قُرِئَ القُنْعَ أوِ السّائِلَ مَن قَنِعَ إلَيْهِ قُنُوعًا إذا خَضَعَ لَهُ في السُّؤالِ. ﴿والمُعْتَرَّ﴾ أيِ: المُتَعَرِّضَ لِلسُّؤالِ، وقُرِئَ: "المُعْتَرِي" يُقالُ: عَرَّهُ وعَراهُ واعْتَرَّهُ واعْتَراهُ. ﴿كَذَلِكَ﴾ مِثْلُ ذَلِكَ التَّسْخِيرِ البَدِيعِ المَفْهُومِ مِن قَوْلِهِ تَعالى: "صَوّافَّ" ﴿سَخَّرْناها لَكُمْ﴾ مَعَ كَمالِ عِظَمِها ونِهايَةِ قُوَّتِها فَلا تَسْتَعْصِي عَلَيْكم حَتّى تَأْخُذُوها مُنْقادَةً فَتُقِلُّونَها وتَحْبِسُونَها صافَّةً قَوائِمُها ثُمَّ تَطْعَنُونَ في لَبّاتِها. ﴿لَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾ لِتَشْكُرُوا إنْعامَنا عَلَيْكم بِالتَّقَرُّبِ والإخْلاصِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب