الباحث القرآني

﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالحَقِّ عَلى الباطِلِ﴾ إضْرابٌ عَنِ اتِّخاذِ اللَّهْوِ بَلْ عَنْ إرادَتِهِ، كَأنَّهُ قِيلَ: لَكُنّا لا نُرِيدُهُ بَلْ شَأْنُنا أنْ نُغَلِّبَ الحَقَّ الَّذِي مِن جُمْلَتِهِ الجِدُّ عَلى الباطِلِ الَّذِي مِن قَبِيلِهِ اللَّهْوُ، وتَخْصِيصُ شَأْنِهِ هَذا مِن بَيْنِ سائِرِ شُئُونِهِ تَعالى بِالذِّكْرِ لِلتَّخَلُّصِ إلى ما سَيَأْتِي مِنَ الوَعِيدِ. ﴿فَيَدْمَغُهُ﴾ أيْ: يَمْحَقُهُ بِالكُلِّيَّةِ كَما فَعَلْنا بِأهْلِ القُرى المَحْكِيَّةِ، وقَدِ اسْتُعِيرَ لِإيرادِ الحَقِّ عَلى الباطِلِ القَذْفُ الَّذِي هو الرَّمْيُ الشَّدِيدُ بِالجِرْمِ الصُّلْبِ كالصَّخْرَةِ، ولِمَحْقِهِ لِلْباطِلِ الدَّمْغُ الَّذِي هو كَسْرُ الشَّيْءِ الرِّخْوِ الأجْوَفِ، وهو الدِّماغُ بِحَيْثُ يَشُقُّ غِشاءَهُ المُؤَدِّيَ إلى زُهُوقِ الرُّوحِ تَصْوِيرًا لَهُ بِذَلِكَ. وقُرِئَ: "فَيَدْمَغُهُ" بِالنَّصْبِ وهو ضَعِيفٌ. وقُرِئَ: "فَيَدْمَغُهُ" بِضَمِّ المِيمِ. ﴿فَإذا هو زاهِقٌ﴾ أيْ: ذاهِبٌ بِالكُلِّيَّةِ. وفي "إذا" الفُجائِيَّةِ والجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ مِنَ الدَّلالَةِ عَلى كَمالِ المُسارَعَةِ في الذَّهابِ والبُطْلانِ ما لا يَخْفى، فَكَأنَّهُ زاهِقٌ مِنَ الأصْلِ. ﴿وَلَكُمُ الوَيْلُ مِمّا تَصِفُونَ﴾ وعِيدٌ لِقُرَيْشٍ بِأنَّ لَهم أيْضًا مِثْلَ ما لِأُولَئِكَ مِنَ العَذابِ والعِقابِ. و"مِن" تَعْلِيلِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالِاسْتِقْرارِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الخَبَرُ، أوْ بِمَحْذُوفٍ هو حالٌ مِنَ الوَيْلِ، أوْ مِن ضَمِيرِهِ في الخَبَرِ. و"ما" إمّا مَصْدَرِيَّةٌ، أوْ مَوْصُولَةٌ، أوْ مَوْصُوفَةٌ، أيْ: واسْتَقَرَّ لَكُمُ الوَيْلُ والهَلاكُ مِن أجْلِ وصْفِكم لَهُ سُبْحانَهُ بِما لا يَلِيقُ بِشَأْنِهِ الجَلِيلِ، أوْ بِالَّذِي تَصِفُونَهُ بِهِ مِنَ الوَلَدِ، أوْ كائِنًا مِمّا تَصِفُونَهُ تَعالى بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب