الباحث القرآني
فَعِنْدَ ذَلِكَ ﴿قالَ﴾ عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿فاذْهَبْ﴾ أيْ: مِن بَيْنِ النّاسِ. وقَوْلُهُ تَعالى ﴿فَإنَّ لَكَ في الحَياةِ﴾ إلَخِ تَعْلِيلٌ لِمُوجَبِ الأمْرِ، و"فِي" مُتَعَلِّقَةٌ بِالِاسْتِقْرارِ في لَكَ، أيْ: ثابِتٌ لَكَ في الحَياةِ، أوْ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِنَ الكافِ، والعامِلُ مَعْنى الِاسْتِقْرارِ في الظَّرْفِ المَذْكُورِ لِاعْتِمادِهِ عَلى ما هو مُبْتَدَأٌ مَعْنى، لا بِقَوْلِهِ تَعالى ﴿أنْ تَقُولَ لا مِساسَ﴾ لِمَكانِ أنَّ أيْ: ثابِتٌ لَكَ كائِنًا في الحَياةِ أيْ مُدَّةَ حَياتِكَ أنْ تُفارِقَهم مُفارَقَةً كُلِّيَّةً لَكِنْ لا بِحَسَبِ الِاخْتِيارِ بِمُوجِبِ التَّكْلِيفِ، بَلْ بِحَسَبِ الِاضْطِرارِ المُلْجِئِ إلَيْها، وذَلِكَ أنَّهُ تَعالى رَماهُ بِداءٍ عُقامٍ لا يَكادُ يَمَسُّ أحَدًا أوْ بِمَسِّهِ أحَدٍ كائِنًا مَن كانَ إلّا حَما مِن ساعَتِهِ حُمّى شَدِيدَةً، فَتَحامى النّاسُ وتَحامَوْهُ، وكانَ يَصِيحُ بِأقْصى طَوْقِهِ لا مِساسَ، وحَرُمَ عَلَيْهِمْ مُلاقاتُهُ ومُواجَهَتُهُ ومُكالَمَتُهُ ومُبايَعَتُهُ وغَيْرُها مِمّا يُعْتادُ جَرَيانُهُ فِيما بَيْنَ النّاسِ مِنَ المُعامَلاتِ، وصارَ بَيْنَ النّاسِ أوْحَشَ مِنَ القاتِلِ اللّاجِئِ إلى الحَرَمِ، ومِنَ الوَحْشِ النّافِرِ في البَرِّيَّةِ، ويُقالُ: إنَّ قَوْمَهُ باقٍ فِيهِمْ تِلْكَ الحالَةُ إلى اليَوْمِ. وقُرِئَ: "لا مِساسَ" كَفِجارِ، وهو عَلَمٌ لِلْمَسَّةِ. ولَعَلَّ السِّرَّ في مُقابَلَةِ جِنايَتِهِ بِتِلْكَ العُقُوبَةِ خاصَّةً ما بَيْنَهُما مِن مُناسَبَةِ التَّضادِّ، فَإنَّهُ لَمّا أنْشَأ الفِتْنَةَ بِما كانَتْ مُلابَسَتُهُ سَبَبًا لِحَياةِ المَواتِ عُوقِبَ مِمّا يُضادُّهُ، حَيْثُ جُعِلَتْ مُلابَسَتُهُ سَبَبًا لِلْحُمّى الَّتِي هي مِن أسْبابِ مَوْتِ الأحْياءِ.
﴿وَإنَّ لَكَ مَوْعِدًا﴾ أيْ: في الآَخِرَةِ ﴿لَنْ تُخْلَفَهُ﴾ أيْ: لَنْ يُخْلِفَكَ اللَّهُ ذَلِكَ الوَعْدَ، بَلْ يُنْجِزُهُ لَكَ البَتَّةَ بَعْدَ ما عاقَبَكَ في الدُّنْيا. وقُرِئَ بِكَسْرِ اللّامِ، والأظْهَرُ أنَّهُ مِن أخْلَفْتُ المَوْعِدَ أيْ: وجَدَتْهُ خَلَفًا. وقُرِئَ (p-40)بِالنُّونِ عَلى حِكايَةِ قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ ﴿وانْظُرْ إلى إلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفًا﴾ أيْ: ظَلَلْتُ مُقِيمًا عَلى عِبادَتِهِ، فَحُذِفَتِ اللّامُ الأُولى تَخْفِيفًا. وقُرِئَ بِكَسْرِ الظّاءِ بِنَقْلِ حَرَكَةِ اللّامِ إلَيْها،
﴿لَنُحَرِّقَنَّهُ﴾ جَوابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ أيْ: بِالنّارِ، ويُؤَيِّدُهُ قِراءَةُ لَنُحْرِّقَنَّهُ مِنَ الإحْراقِ، وقِيلَ بِالمِبْرَدِ عَلى أنَّهُ مُبالَغَةٌ في حَرْقٍ إذا بُرِّدَ بِالمِبْرَدِ ويُعَضِّدُهُ قِراءَةُ لَنُحَرِّقَنَّهُ.
﴿ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ﴾ أيْ: لِنُذْرِيَنَّهُ، وقُرِئَ بِضَمِّ السِّينِ ﴿فِي اليَمِّ﴾ رَمادًا أوْ مَبْرُودًا كَأنَّهُ هَباءٌ.
﴿نَسْفًا﴾ بِحَيْثُ لا يَبْقى مِنهُ عَيْنٌ ولا أثَرٌ، ولَقَدْ فَعَلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ذَلِكَ كُلَّهُ يَشْهَدُ بِهِ الأمْرُ بِالنَّظَرِ، وإنَّما لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ تَنْبِيهًا عَلى كَمالِ ظُهُورِهِ واسْتِحالَةِ الخُلْفِ في وعْدِهِ المُؤَكَّدِ بِاليَمِينِ.
{"ayah":"قَالَ فَٱذۡهَبۡ فَإِنَّ لَكَ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَۖ وَإِنَّ لَكَ مَوۡعِدࣰا لَّن تُخۡلَفَهُۥۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰۤ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِی ظَلۡتَ عَلَیۡهِ عَاكِفࣰاۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُۥ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُۥ فِی ٱلۡیَمِّ نَسۡفًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











