الباحث القرآني

﴿إنّا آمَنّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا﴾ الَّتِي اقْتَرَفْنا فِيها مِنَ الكُفْرِ والمَعاصِي، ولا يُؤاخِذُنا بِها في الدّارِ الآَخِرَةِ، لا لِيُمَتِّعْنا بِتِلْكَ الحَياةِ الفانِيَةِ حَتّى نَتَأثَّرَ بِما أوْعَدْتَنا بِهِ مِنَ القَطْعِ والصَّلْبِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما أكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السحر﴾ عَطْفٌ عَلى "خَطايانا"، أيْ: ويَغْفِرَ لَنا السحر الَّذِي عَلِمْناهُ في مُعارَضَةِ مُوسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِإكْراهِكَ وحَشْرِكَ إيّانا مِنَ المَدائِنِ القاصِيَةِ. خَصُّوهُ بِالذِّكْرِ مَعَ انْدِراجِهِ في خَطاياهم إظْهارًا لِغايَةِ نَفْرَتِهِمْ عَنْهُ، ورَغْبَتِهِمْ في مَغْفِرَتِهِ. وذَكَرَ الإكْراهَ لِلْإيذانِ بِأنَّهُ مِمّا يَجِبُ أنْ يُفْرَدَ بِالِاسْتِغْفارِ مِنهُ مَعَ صُدُورِهِ عَنْهم بِالإكْراهِ، وفِيهِ نَوْعُ اعْتِذارٍ لِاسْتِجْلابِ المَغْفِرَةِ، وقِيلَ: أرادُوا الإكْراهَ عَلى تَعَلُّمِ السحر، حَيْثُ رُوِيَ أنَّ رُؤَساءَهم كانُوا اثْنَيْنِ وسَبْعِينَ، اثْنانِ مِنهم مَنَ القِبْطِ، والباقِي مِن بَنِي إسْرائِيلَ، وكانَ فِرْعَوْنُ أكْرَهَهم عَلى تَعَلُّمِ السحر. وقِيلَ: إنَّهُ أكْرَهَهم عَلى المُعارَضَةِ، حَيْثُ رُوِيَ أنَّهم قالُوا لِفِرْعَوْنَ: أرِنا مُوسى نائِمًا، فَفَعَلَ، فَوَجَدُوهُ تَحْرُسُهُ عَصاهُ، فَقالُوا: ما هَذا بِسِحْرٍ، فَإنَّ السّاحِرَ إذا نامَ بَطَلَ سِحْرُهُ، فَأبى إلّا أنْ يُعارِضُوهُ، ويَأْباهُ تَصَدِّيهِمْ لِلْمُعارَضَةِ عَلى الرَّغْبَةِ والنَّشاطِ، كَما يُعْرِبُ عَنْهُ قَوْلُهم: ﴿أإنَّ لَنا لأجْرًا إنْ كُنّا نَحْنُ الغالِبِينَ﴾ وقَوْلُهم: ﴿بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إنّا لَنَحْنُ الغالِبُونَ﴾ ﴿واللَّهُ خَيْرٌ﴾ أيْ: في حَدِّ ذاتِهِ، وهو ناظِرٌ إلى قَوْلِهِمْ: ﴿والَّذِي فَطَرَنا﴾ . ﴿وَأبْقى﴾ أيْ: جَزاءً، ثَوابًا كانَ أوْ عَذابًا، خَيْرٌ ثَوابًا وأبْقى عَذابًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب