الباحث القرآني

﴿قالُوا﴾ غَيْرَ مُكْتَرِثِينَ بِوَعِيدِهِ ﴿لَنْ نُؤْثِرَكَ﴾ لَنْ نَخْتارَكَ بِالإيمانِ والِاتِّباعِ ﴿عَلى ما جاءَنا﴾ مِنَ اللَّهِ عَلى يَدِ مُوسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ﴿مِنَ البَيِّناتِ﴾ مِنَ المُعْجِزاتِ الظّاهِرَةِ، فَإنَّ ما ظَهَرَ بِيَدِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مِنَ العَصا كانَ مُشْتَمِلًا عَلى مُعْجِزاتِهِ جَمَّةً كَما مَرَّ تَحْقِيقُهُ فِيما سَلَفَ، فَإنَّهم كانُوا عارِفِينَ بِجَلائِلِها ودَقائِقِها. ﴿والَّذِي فَطَرَنا﴾ أيْ: خَلَقَنا وسائِرَ المَخْلُوقاتِ، وهو عَطْفٌ عَلى ﴿ما جاءَنا﴾، وتَأْخِيرُهُ لِأنَّ ما في ضِمْنِهِ آَيَةٌ عَقْلِيَّةٌ نَظَرِيَّةٌ، وما شاهَدُوهُ آَيَةٌ حِسِّيَّةٌ ظاهِرَةٌ، وإيرادُهُ تَعالى بِعُنْوانِ فاطِرِيَّتِهِ تَعالى لَهم لِلْإشْعارِ بِعِلَّةِ الحُكْمِ، فَإنَّ خالِقِيَّتَهُ تَعالى لَهم وكَوْنَ فِرْعَوْنَ مِن جُمْلَةِ مَخْلُوقاتِهِ مِمّا يُوجِبُ عَدَمَ إيثارِهِمْ لَهُ عَلَيْهِ (p-30)سُبْحانَهُ وتَعالى، وهَذا جَوابٌ مِنهم لِتَوْبِيخِ فِرْعَوْنَ بِقَوْلِهِ: ﴿آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أنْ آذَنَ لَكُمْ﴾، وقِيلَ: هو قَسَمٌ مَحْذُوفُ الجَوابِ لِدِلالَةِ المَذْكُورِ عَلَيْهِ، أيْ: وحَقِّ الَّذِي فَطَرَنا لا نُؤْثِرُكَ .. إلَخِ. ولا مُساغَ لِكَوْنِ المَذْكُورِ جَوابًا لَهُ عِنْدَ مَن يُجَوِّزُ تَقْدِيمَ الجَوابِ أيْضًا، لِما أنَّ القَسَمَ لا يُجابُ بِلَنْ إلّا عَلى شُذُوذٍ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاقْضِ ما أنْتَ قاضٍ﴾ جَوابٌ عَنْ تَهْدِيدِهِ بِقَوْلِهِ: "لِأُقَطِّعَنَّ .." إلَخِ، أيْ: فاصْنَعْ ما أنْتَ صانِعُهُ، أوْ فاحْكم ما أنْتَ حاكِمٌ بِهِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما تَقْضِي هَذِهِ الحَياةَ الدُّنْيا﴾ مَعَ ما بَعْدَهُ تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ المُبالاةِ المُسْتَفادِ مِمّا سَبَقَ مِنَ الأمْرِ بِالقَضاءِ، أيْ: إنَّما تَصْنَعُ ما تَهْواهُ، أوْ تَحْكُمُ بِما تَراهُ في هَذِهِ الحَياةِ الدُّنْيا فَحَسْبُ، وما لَنا مِن رَغْبَةٍ في عَذْبِها ولا رَهْبَةٍ مِن عَذابِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب