الباحث القرآني
﴿وَلَقَدْ أرَيْناهُ﴾ حِكايَةٌ إجْمالِيَّةٌ لِما جَرى بَيْنَ مُوسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وبَيْنَ فِرْعَوْنَ إثْرَ حِكايَةِ ما ذَكَرَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِجَلائِلَ نَعْمائِهِ الدّاعِيَةِ لَهُ إلى قَبُولِ الحَقِّ والِانْقِيادِ لَهُ، وتَصْدِيرُها بِالقَسَمِ لِإبْرازِ كَمالِ العِنايَةِ بِمَضْمُونِها. وإسْنادِ الإراءَةِ إلى نُونِ العَظَمَةِ نَظَرًا إلى الحَقِيقَةِ لا إلى مُوسى نَظَرٌ إلى الظّاهِرِ لِتَهْوِيلِ أمْرِ الآَياتِ وتَفْخِيمِ شَأْنِها وإظْهارِ كَمالِ شاعَّةِ لِلْعَيْنِ وتَمادِيهِ في المُكابَرَةِ والعِنادِ، أيْ: وبِاللَّهِ لَقَدْ بَصَّرْنا فِرْعَوْنَ أوْ عَرَّفْناهُ.
﴿آياتِنا﴾ حِينَ قالَ لِمُوسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ﴿إنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾ ﴿فَألْقى عَصاهُ فَإذا هي ثُعْبانٌ مُبِينٌ﴾ ﴿وَنَزَعَ يَدَهُ فَإذا هي بَيْضاءُ لِلنّاظِرِينَ﴾ وصِيغَةُ الجَمْعِ مَعَ كَوْنِهِما اثْنَتَيْنِ بِاعْتِبارِ ما في تَضاعِيفِهِما مِن بَدائِعِ الأُمُورِ الَّتِي كُلٌّ مِنها آَيَةٌ بَيِّنَةٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، (p-23)حَسْبَما بُيِّنَ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿اذْهَبْ أنْتَ وأخُوكَ بِآياتِي﴾ . وقَدْ ظَهَرَ عِنْدَ فِرْعَوْنَ أُمُورٌ أُخَرُ كُلُّ واحِدٍ مِنها داهِيَةٌ دَهْياءُ، فَإنَّهُ رُوِيَ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَمّا ألْقاها انْقَلَبَتْ ثُعْبانًا أشْعَرَ فاغِرًا فاهُ بَيْنَ لِحْيَيْهِ ثَمانُونَ ذِراعًا، وضَعَ لِحْيَهُ الأسْفَلَ عَلى الأرْضِ، والأعْلى عَلى سُورِ القَصْرِ، وتُوَجَّهَ نَحْوَ فِرْعَوْنَ فَهَرَبَ وأحْدَثَ وانْهَزَمَ النّاسُ مُزْدَحِمِينِ، فَماتَ مِنهم خَمْسَةٌ وعِشْرُونَ ألْفًا مِن قَوْمِهِ، فَصاحَ فِرْعَوْنُ: يا مُوسى أنْشُدُكَ بِالَّذِي أرْسَلَكَ إلّا أخَذْتَهُ، فَأخَذَهُ فَعادَ عَصًا. ورُوِيَ أنَّها انْقَلَبَتْ حَيَّةً، ارْتَفَعَتْ في السَّماءِ قَدْرَ مَيْلٍ، ثُمَّ انْحَطَّتْ مُقْبِلَةً نَحْوَ فِرْعَوْنَ، وجَعَلَتْ تَقُولُ: يا مُوسى مُرْنِي بِما شِئْتَ، ويَقُولُ فِرْعَوْنُ: أنْشُدُكَ ... إلَخَ. ونَزَعَ يَدَهُ مِن جَيْبِهِ فَإذا هي بَيْضاءُ بَياضًا نَوْرانِيًّا خارِجًا عَنْ حُدُودِ العاداتِ قَدْ غَلَبَ شُعاعُهُ شُعاعَ الشَّمْسِ، يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ النَّظّارَةُ تَعَجُّبًا مِن أمْرِهِ، فَفي تَضاعِيفِ كُلٍّ مِنَ الآَيَتَيْنِ آَياتٌ جَمَّةٌ، لَكِنَّها لَمّا كانَتْ غَيْرَ مَذْكُورَةٍ صَراحَةً أُكِّدَتْ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كُلَّها﴾ كَأنَّهُ قِيلَ: أرَيْناهُ آَياتِنا بِجَمِيعِ مُسْتَتْبَعاتِهِما وتَفاصِيلِهِما، قَصْدًا إلى بَيانٍ أنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ في ذَلِكَ عُذْرٌ ما. ولا مُساغٌ لِعَدِّ بَقِيَّةِ الآَياتِ التَّسْعِ مِنها لِما أنَّها إنَّما ظَهَرَتْ عَلى يَدِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بَعْدَما غَلَبَ السحرةُ عَلى مَهْلٍ في نَحْوٍ مِن عِشْرِينَ سَنَةً، كَما مَرَّ في تَفْسِيرِ (سُورَةِ الأعْرافِ ) . ولا رَيْبَ في أنَّ أمْرَ السحرةِ مُتَرَقَّبٌ بَعْدُ، وأبْعَدُ مِن ذَلِكَ أنْ يَعُدَّ مِنها ما جُعِلَ لِإهْلاكِهِمْ، لا لِإرْشادِهِمْ إلى الإيمانِ مِن فَلَقِ البَحْرِ، وما ظَهَرَ بَعْدَ مُهْلِكِهِ مِنَ الآَياتِ الظّاهِرَةِ لِبَنِي إسْرائِيلَ مِن نَتْقِ الجَبَلِ والحَجَرِ، سَواءٌ أُرِيدَ بِهِ الحَجَرُ الَّذِي فَرَّ بِثَوْبِهِ، أوِ الَّذِي انْفَجَرَتْ مِنهُ العُيُونُ، وكَذا أنْ يُعَدَّ مِنها الآَياتُ الظّاهِرَةُ عَلى يَدِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، بِناءً عَلى أنَّ حِكايَتَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ إيّاها لِفِرْعَوْنَ في حُكْمِ إظْهارِها بَيْنَ يَدَيْهِ، وإراءَتِهِ إيّاها لِاسْتِحالَةِ الكَذِبِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَإنَّ حِكايَتَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ إيّاها لِفِرْعَوْنَ مِمّا لَمْ يَجْرِ ذِكْرُهُ هَهُنا عَلى أنَّ ما سَيَأْتِي مِن حَمْلِ ما أظْهَرُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى السحر والتَّصَدِّي لِلْمُعارَضَةِ بِالمَثَلِ يَأْباهُ إباءً بَيِّنًا، ويَنْطِقُ بِأنَّ المُرادَ بِها ما ذَكَرْناهُ قَطْعًا، ولَوْلا ذَلِكَ لَجازَ جَعْلُ ما فَصَلَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مِن أفْعالِهِ تَعالى الدّالَّةِ عَلى اخْتِصاصِهِ بِالربوبية وأحْكامِها مِن جُمْلَةِ الآَياتِ.
﴿فَكَذَّبَ﴾ مُوسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مِن غَيْرِ تَرَدُّدٍ وتَأخُّرٍ، مَعَ ما شاهَدَ في يَدِهِ مِنَ الشَّواهِدِ النّاطِقَةِ بِصِدْقِهِ جُحُودًا وعِنادًا.﴿وَأبى﴾ الإيمانَ والطّاعَةَ، لِعُتُوِّهِ واسْتِكْبارِهِ. وقِيلَ: كَذَّبَ بِالآَياتِ جَمِيعًا وأبى أنْ يَقْبَلَ شَيْئًا مِنها، أوْ أبى قَبُولَ الحَقِّ.
{"ayah":"وَلَقَدۡ أَرَیۡنَـٰهُ ءَایَـٰتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











