الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ مَنَنّا عَلَيْكَ﴾ كَلامٌ مُسْتَأْنِفٌ مَسُوقٌ لِتَقْرِيرِ ما قَبْلَهُ، وزِيادَةِ تَوْطِينِ نَفْسِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ بِالقَبُولِ بِبَيانِ أنَّهُ تَعالى حَيْثُ أنْعَمَ عَلَيْهِ بِتِلْكَ النِّعَمِ التّامَّةِ مِن غَيْرِ سابِقَةِ دُعاءٍ مِنهُ وطَلَبٍ، فَلِأنْ يُنْعِمَ عَلَيْهِ بِمِثْلِها وهو طالِبٌ لَهُ وداعٍ أوْلى وأحْرى، وتَصْدِيرُهُ بِالقَسَمِ لِكَمالِ الِاعْتِناءِ بِذَلِكَ، أيْ: وبِاللَّهِ لَقَدْ أنْعَمْنا. ﴿مَرَّةً أُخْرى﴾ أيْ: في وقْتٍ غَيْرِ هَذا الوَقْتِ، لا أنَّ ذَلِكَ مُؤَخَّرٌ عَنْ هَذا. فَإنَّ أُخْرى تَأْنِيتُ آَخَرَ بِمَعْنى: غَيْرِ، والمَرَّةُ في الأصْلِ: اسْمٌ لِلْمُرُورِ الواحِدِ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلى كُلِّ فِعْلَةٍ واحِدَةٍ مِنِ الفَعَلاتِ مُتَعَدِّيَةً كانَتْ أوْ لازِمَةً، ثُمَّ شاعَ في كُلِّ فَرْدٍ واحِدٍ مِن أفْرادِ مالِهِ أفْرادٌ مُتَجَدِّدَةٌ مُتَعَدِّدَةٌ، فَصارَ عَلَمًا في ذَلِكَ حَتّى جُعِلَ مِعْيارًا لِما في مَعْناهُ مِن سائِرِ الأشْياءِ، فَقِيلَ: هَذا بِناءُ المَرَّةِ، ويَقْرُبُ مِنها الكَرَّةُ والتّارَةُ والدُّفْعَةُ، والمُرادُ بِها هَهُنا: الوَقْتُ المُمْتَدُّ الَّذِي وقَعَ فِيهِ ما سَيَأْتِي ذِكْرُهُ مِنِ المِنَنِ العَظِيمَةِ الكَثِيرَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب