الباحث القرآني

﴿قالَ هي عَصايَ﴾ نَسَبَها إلى نَفْسِهِ تَحْقِيقًا لِوَجْهِ كَوْنِها بِيَمِينِهِ، وتُمِيدُها لِما يَعْقُبُهُ مِنِ الأفاعِيلِ المَنسُوبَةِ إلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ. وقُرِئَ: "عَصَيَّ" عَلى لُغَةِ هُذَيْلٍ ﴿أتَوَكَّأُ عَلَيْها﴾ أيْ: أعْتَمِدُ عَلَيْها عِنْدَ الإعْياءِ، أوِ الوُقُوفِ عَلى رَأْسِ القَطِيعِ. ﴿وَأهُشُّ بِها﴾ أيْ: أخُبِطُ بِها الوَرَقَ وأُسْقِطُهُ ﴿عَلى غَنَمِي﴾ . وقُرِئَ: "أهِشُّ" بِكَسْرِ الهاءِ، وكِلاهُما مِن هَشَّ الخُبْزُ يَهِشُّ: إذا انْكَسَرَ لِهَشاشَتِهِ. وقُرِئَ بِالسِّينِ غَيْرِ المُعْجَمَةِ وهو زَجْرُ الغَنَمِ وتَعْدِيَتُهُ بِعَلى لِتَضْمِينِ مَعْنى الإنْحاءِ والإقْباءِ، أيْ: أزْجُرُها مُنَحِّيًا ومُقْبِلًا عَلَيْها. ﴿وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى﴾ أيْ: حاجاتٌ أُخَرُ مِن هَذا البابِ. مِثْلُ ما رُوِيَ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كانَ إذا سارَ ألْقاها عَلى عاتِقِهِ فَعَلَّقَ بِهِ أدَواتِهِ مِنَ القَوْسِ والكِنانَةِ والحِلابِ ونَحْوِها، وإذا كانَ في البَرِّيَّةِ رَكَزَها وعَرَّضَ الزِّنْدَيْنِ عَلى شَعْبِيَّتِها وألْقى عَلَيْها الكِساءَ واسْتَظَلَّ بِهِ، وإذا قَصُرَ الرِّشاءُ وصَلَهُ بِها، وإذا تَعَرَّضَتْ لِغَنَمِهِ السِّباعُ قاتَلَ بِها. وقِيلَ ومِن جُمْلَةِ المَآَرِبِ: أنَّها كانَتْ ذاتَ شُعْبَتَيْنِ ومِحْجَنٍ، فَإذا طالَ الغُصْنُ حَناهُ بِالمِحْجَنِ، وإذا أرادَ كَسْرَهُ لَواهُ بِالشُّعْبَتَيْنِ. وكَأنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فَهِمَ أنَّ المَقْصُودَ مِنَ السُّؤالِ بَيانُ حَقِيقَتِها وتَفْصِيلُ مَنافِعِها بِطَرِيقِ الِاسْتِقْصاءِ، حَتّى إذا ظَهَرَتْ عَلى خِلافِ تِلْكَ الحَقِيقَةِ وبَدَتْ مِنها خَواصُّ بَدِيعَةٌ عَلِمَ أنَّها آَياتٌ باهِرَةٌ ومُعْجِزاتٌ قاهِرَةٌ أحْدَثَها اللَّهُ تَعالى ولَيْسَتْ مِنَ الخَواصِّ المُتَرَتِّبَةِ عَلَيْها، فَذَكَرَ حَقِيقَتَها ومَنافِعَها عَلى التَّفْصِيلِ والإجْمالِ عَلى مَعْنى أنَّها مِن جِنْسِ العِصِيِّ مُسْتَتْبِعَةٌ لِمَنافِعِ بَناتِ جِنْسِها، لِيُطابِقَ جَوابُهُ الغَرَضَ الَّذِي فَهِمَهُ مِن سُؤالِ العَلِيمِ الخَبِيرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب