الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ﴾ شُرُوعٌ في بَيانِ المَعْهُودِ وكَيْفِيَّةِ ظُهُورِ نِسْيانِهِ وفُقْدانِ عَزْمِهِ. و"إذْ" مَنصُوبٌ عَلى المَفْعُولِيَّةِ بِمُضْمَرٍ خُوطِبَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ، أيْ: واذْكُرْ وقْتَ قَوْلِنا لَهم، وتَعْلِيقُ الذِّكْرِ بِالوَقْتِ مَعَ أنَّ المَقْصُودَ تَذْكِيرُ ما وقَعَ فِيهِ مِنَ الحَوادِثِ لِما مَرَّ مِرارًا مِنَ المُبالَغَةِ في إيجابِ ذِكْرِها، فَإنَّ الوَقْتَ مُشْتَمِلٌ عَلى تَفاصِيلِ الأُمُورِ الواقِعَةِ فِيهِ، فالأمْرُ بِذِكْرِهِ أمْرٌ بِذِكْرِ تَفاصِيلِ ما وقَعَ فِيهِ بِالطَّرِيقِ البُرْهانِيِّ، ولِأنَّ الوَقْتَ مُشْتَمِلٌ عَلى أعْيانِ الحَوادِثِ فَإذا ذُكِرَ صارَتِ الحَوادِثُ كَأنَّها مَوْجُودَةٌ في ذِهْنِ المُخاطَبِ بِوُجُوداتِها العَيْنِيَّةِ، أيِ: اذْكُرْ ما وقَعَ في ذَلِكَ الوَقْتِ مِنّا ومِنهُ، حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكَ نِسْيانُهُ وفِقْدانُ عَزْمِهِ. ﴿فَسَجَدُوا إلا إبْلِيسَ﴾ قَدْ سَبَقَ الكَلامُ فِيهِ مِرارًا. ﴿أبى﴾ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ وقَعَتْ جَوابًا عَنْ سُؤالٍ نَشَأ عَنِ الإخْبارِ بِعَدَمِ سُجُودِهِ، كَأنَّهُ قِيلَ: ما بالُهُ لَمْ يَسْجُدْ ؟ فَقِيلَ: أبى واسْتَكْبَرَ، ومَفْعُولُ "أبى" إمّا مَحْذُوفٌ، أيْ: أبى السُّجُودَ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أبى أنْ يَكُونَ مَعَ السّاجِدِينَ﴾، أوْ غَيْرُ مَنوِيٍّ رَأْسًا بِتَنْـزِيلِهِ مَنزِلَةَ اللّازِمِ، أيْ: فَعَلَ الإباءَ وأظْهَرَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب