﴿وَإذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ﴾: تَوْبِيخٌ آخَرُ لِأخْلافِ بَنِي إسْرائِيلَ؛ بِتَذْكِيرِ بَعْضِ جِناياتٍ صَدَرَتْ عَنْ أسْلافِهِمْ؛ أيْ: "واذْكُرُوا وقْتَ قَوْلِ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - لِأجْدادِكُمْ: ﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكم أنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾؛ وسَبَبُهُ أنَّهُ كانَ في بَنِي إسْرائِيلَ شَيْخٌ مُوسِرٌ؛ فَقَتَلَهُ بَنُو عَمِّهِ؛ طَمَعًا في مِيراثِهِ؛ فَطَرَحُوهُ عَلى بابِ المَدِينَةِ؛ ثُمَّ جاؤُوا يُطالِبُونَ بِدِيَتِهِ؛ فَأمَرَهُمُ اللَّهُ (تَعالى) أنْ يَذْبَحُوا بَقَرَةً؛ ويَضْرِبُوهُ بِبَعْضِها؛ فَيَحْيا؛ فَيُخْبِرَهم بِقاتِلِهِ؛ ﴿قالُوا﴾: اسْتِئْنافٌ؛ وقَعَ جَوابًا عَمّا يَنْساقُ إلَيْهِ الكَلامُ؛ كَأنَّهُ قِيلَ: فَماذا صَنَعُوا؟ هَلْ سارَعُوا إلى الِامْتِثالِ؛ أوْ لا؟ فَقِيلَ: قالُوا: ﴿أتَتَّخِذُنا هُزُوًا﴾؛ بِضَمِّ الزّاءِ؛ وقَلْبِ الهَمْزَةِ واوًا؛ وقُرِئَ بِالهَمْزَةِ مَعَ الضَّمِّ والسُّكُونِ؛ أيْ: أتَجْعَلُنا مَكانَ هُزُؤٍ؛ أوْ أهْلَ هُزُؤٍ أوْ مَهْزُوءًا بِنا؛ أوِ الهُزُؤَ نَفْسَهُ؟ اسْتِبْعادًا لِما قالَهُ؛ واسْتِخْفافًا بِهِ؛ قالَ: اسْتِئْنافٌ؛ كَما سَبَقَ؛ ﴿أعُوذُ بِاللَّهِ أنْ أكُونَ مِنَ الجاهِلِينَ﴾؛ لِأنَّ الهُزُؤَ في أثْناءِ تَبْلِيغِ أمْرِ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - جَهْلٌ؛ وسَفَهٌ؛ نَفى عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - (p-111)ما تَوَهَّمُوهُ مِن قَبْلِهِ؛ عَلى أبْلَغِ وجْهٍ؛ وآكَدِهِ؛ بِإخْراجِهِ مُخْرَجَ ما لا مَكْرُوهَ وراءَهُ؛ بِالِاسْتِعاذَةِ مِنهُ؛ اسْتِفْظاعًا لَهُ؛ واسْتِعْظامًا لِما أقْدَمُوا عَلَيْهِ مِنَ العَظِيمَةِ الَّتِي شافَهُوهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - بِها.
{"ayah":"وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦۤ إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُكُمۡ أَن تَذۡبَحُوا۟ بَقَرَةࣰۖ قَالُوۤا۟ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوࣰاۖ قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡجَـٰهِلِینَ"}