الباحث القرآني

﴿فَإنْ لَمْ تَفْعَلُوا﴾: أيْ: ما أُمِرْتُمْ بِهِ مِنَ الِاتِّقاءِ؛ وتَرْكِ البَقايا؛ إمّا مَعَ إنْكارِ حُرْمَتِهِ؛ وإمّا مَعَ الِاعْتِرافِ بِها؛ ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ أيْ: فاعْلَمُوا بِها؛ مِن "أذِنَ بِالشَّيْءِ"؛ إذا عَلِمَ بِهِ؛ أمّا عَلى الأوَّلِ فَكَحَرْبِ المُرْتَدِّينَ؛ وأمّا عَلى الثّانِي فَكَحَرْبِ البُغاةِ؛ وقُرِئَ: "فَآذِنُوا"؛ أيْ: فَأعْلِمُوا غَيْرَكُمْ؛ قِيلَ: هو مِن "الأذانُ"؛ وهو الِاسْتِماعُ؛ فَإنَّهُ مِن طُرُقِ العِلْمِ؛ وقُرِئَ: "فَأيْقِنُوا"؛ وهو مُؤَيِّدٌ لِقِراءَةِ العامَّةِ؛ وتَنْكِيرُ "حَرْبٍ" لِلتَّفْخِيمِ؛ و"مِن" مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ صِفَةً لَها؛ مُؤَكِّدَةً لِفَخامَتِها؛ أيْ: بِنَوْعٍ مِنَ الحَرْبِ عَظِيمٍ؛ لا يُقادَرُ قَدْرُهُ؛ كائِنٍ مِن عِنْدِ اللَّهِ (تَعالى)؛ ورَسُولِهِ؛ رُوِيَ أنَّهُ لَمّا نَزَلَتْ قالَتْ ثَقِيفٌ: "لا يَدَيْ لَنا بِحَرْبِ اللَّهِ ورَسُولِهِ"؛ ﴿وَإنْ تُبْتُمْ﴾؛ مِنَ الِارْتِباءِ؛ مَعَ الإيمانِ بِحُرْمَتِها؛ بَعْدَ ما سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الوَعِيدِ؛ ﴿فَلَكم رُءُوسُ أمْوالِكُمْ﴾؛ تَأْخُذُونَها كَمَلًا؛ ﴿لا تَظْلِمُونَ﴾؛ غُرَماءَكم بِأخْذِ الزِّيادَةِ؛ والجُمْلَةُ إمّا مُسْتَأْنِفَةٌ؛ لا مَحَلَّ لَها مِنَ الإعْرابِ؛ أوْ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في "لَكُمْ"؛ والعامِلُ ما تَضَمَّنَهُ الجارُّ مِنَ الِاسْتِقْرارِ؛ ﴿وَلا تُظْلَمُونَ﴾: عَطْفٌ عَلى ما قَبْلَهُ؛ أيْ: لا تُظْلَمُونَ أنْتُمْ مِن قِبَلِهِمْ بِالمَطْلِ؛ (p-268)والنَّقْصِ؛ ومِن ضَرُورَةِ تَعْلِيقِ هَذا الحُكْمِ بِتَوْبَتِهِمْ عَدَمُ ثُبُوتِهِ عِنْدَ عَدَمِها؛ لِأنَّ عَدَمَها إنْ كانَ مَعَ إنْكارِ الحُرْمَةِ فَهم مُرْتَدُّونَ؛ ومالُهُمُ المَكْسُوبُ في حالِ الرِّدَّةِ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ؛ عِنْدَ أبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ وكَذا سائِرُ أمْوالِهِمْ؛ عِنْدَ الشّافِعِيِّ؛ وعِنْدَنا هو لِوَرَثَتِهِمْ؛ ولا شَيْءَ لَهم عَلى كُلِّ حالٍ؛ وإنْ كانَ مَعَ الِاعْتِرافِ بِها؛ فَإنْ كانَ لَهم شَوْكَةٌ فَهم عَلى شَرَفِ القَتْلِ؛ لَمْ تَسْلَمْ لَهم رُؤُوسُهُمْ؛ فَكَيْفَ بِرُؤُوسِ أمْوالِهِمْ؟! وإلّا فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما -؛ فَإنَّهُ يَقُولُ: "مَن عامَلَ الرِّبا يُسْتَتابُ؛ وإلّا ضُرِبَ عُنُقُهُ"؛ وأمّا عِنْدَ غَيْرِهِ فَهم مَحْبُوسُونَ إلى أنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُمْ؛ لا يُمَكَّنُونَ مِنَ التَّصَرُّفاتِ أصْلًا؛ فَما لَمْ يَتُوبُوا لَمْ يُسَلَّمْ لَهم شَيْءٌ مِن أمْوالِهِمْ؛ بَلْ إنَّما يُسَلَّمُ بِمَوْتِهِمْ لِوَرَثَتِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب