﴿لِلْفُقَراءِ﴾: مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ؛ يَنْساقُ إلَيْهِ الكَلامُ؛ كَما في قَوْلِهِ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿فِي تِسْعِ آياتٍ إلى فِرْعَوْنَ﴾؛ أيْ: اعْمَدُوا لِلْفُقَراءِ؛ أوْ: اجْعَلُوا ما تُنْفِقُونَهُ لِلْفُقَراءِ؛ أوْ: صَدَقاتُكم لِلْفُقَراءِ؛ ﴿الَّذِينَ أُحْصِرُوا في سَبِيلِ اللَّهِ﴾؛ بِالغَزْوِ؛ والجِهادِ؛ ﴿لا يَسْتَطِيعُونَ﴾؛ لِاشْتِغالِهِمْ بِهِ؛ ﴿ضَرْبًا في الأرْضِ﴾؛ أيْ: ذَهابًا فِيها لِلْكَسْبِ؛ والتِّجارَةِ؛ وقِيلَ: هم أهْلُ الصُّفَّةِ؛ كانُوا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - نَحْوًا مِن أرْبَعِمائَةٍ مِن فُقَراءِ المُهاجِرِينَ؛ يَسْكُنُونَ صُفَّةَ المَسْجِدِ؛ يَسْتَغْرِقُونَ أوْقاتَهم بِالتَّعَلُّمِ؛ والجِهادِ؛ وكانُوا يَخْرُجُونَ في كُلِّ سَرِيَّةٍ بَعَثَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؛ ﴿يَحْسَبُهُمُ الجاهِلُ﴾؛ بِحالِهِمْ؛ ﴿أغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾؛ أيْ: مِن أجْلِ تَعَفُّفِهِمْ عَنِ المَسْألَةِ؛ ﴿تَعْرِفُهم بِسِيماهُمْ﴾؛ أيْ: تَعْرِفُ فَقْرَهُمْ؛ واضْطِرارَهم بِما تُعايِنُ مِنهُمْ؛ مِنَ الضَّعْفِ؛ ورَثاثَةِ الحالِ؛ والخِطابُ لِلرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ -؛ أوْ لِكُلِّ أحَدٍ مِمَّنْ لَهُ حَظٌّ مِنَ الخِطابِ؛ مُبالَغَةً في بَيانِ وُضُوحِ فَقْرِهِمْ؛ ﴿لا يَسْألُونَ النّاسَ إلْحافًا﴾؛ أيْ: إلْحاحًا؛ وهو أنْ يُلازِمَ السّائِلُ المَسْؤُولُ حَتّى يُعْطِيَهُ؛ مِن قَوْلِهِمْ: "لَحَفَنِي مِن فَضْلِ لِحافِهِ"؛ أيْ: أعْطانِي مِن فَضْلِ ما عِنْدَهُ؛ والمَعْنى: لا يَسْألُونَهم شَيْئًا؛ وإنْ سَألُوا لِحاجَةٍ اضْطَرَّتْهم إلَيْهِ لَمْ يُلِحُّوا؛ وقِيلَ: هو نَفْيٌ لِكِلا الأمْرَيْنِ جَمِيعًا؛ عَلى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ:
؎ عَلى لاحِبٍ لا يُهْتَدى لِمَنارِهِ ∗∗∗
أيْ: لا مَنارَ؛ ولا اهْتِداءَ؛ ﴿وَما تُنْفِقُوا مِن خَيْرٍ فَإنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾؛ فَيُجازِيكم بِذَلِكَ أحْسَنَ جَزاءٍ؛ فَهو تَرْغِيبٌ في التَّصَدُّقِ؛ لا سِيَّما عَلى هَؤُلاءِ.
{"ayah":"لِلۡفُقَرَاۤءِ ٱلَّذِینَ أُحۡصِرُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ لَا یَسۡتَطِیعُونَ ضَرۡبࣰا فِی ٱلۡأَرۡضِ یَحۡسَبُهُمُ ٱلۡجَاهِلُ أَغۡنِیَاۤءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعۡرِفُهُم بِسِیمَـٰهُمۡ لَا یَسۡـَٔلُونَ ٱلنَّاسَ إِلۡحَافࣰاۗ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِنۡ خَیۡرࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِیمٌ"}