الباحث القرآني

﴿إنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمّا هِيَ﴾: نَوْعُ تَفْصِيلٍ لِبَعْضِ ما أُجْمِلَ في الشَّرْطِيَّةِ؛ وبَيانٌ لَهُ؛ ولِذَلِكَ تُرِكَ العَطْفُ بَيْنَهُما؛ أيْ: إنْ تُظْهِرُوا الصَّدَقاتِ؛ فَنِعْمَ شَيْئًا إبْداؤُها؛ بَعْدَ أنْ لَمْ يَكُنْ رِياءٌ وسُمْعَةٌ؛ وقُرِئَ بِفَتْحِ النُّونِ؛ وكَسْرِ العَيْنِ؛ عَلى الأصْلِ؛ وقُرِئَ بِكَسْرِ النُّونِ؛ وسُكُونِ العَيْنِ؛ وقُرِئَ بِكَسْرِ النُّونِ؛ وإخْفاءِ حَرَكَةِ العَيْنِ؛ وهَذا في الصَّدَقاتِ المَفْرُوضَةِ؛ وأمّا في صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فالإخْفاءُ أفْضَلُ؛ وهي الَّتِي أُرِيدَتْ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿وَإنْ تُخْفُوها﴾؛ أيْ: تُعْطُوها خُفْيَةً؛ ﴿وَتُؤْتُوها الفُقَراءَ﴾؛ ولَعَلَّ التَّصْرِيحَ بِإيتائِها الفُقَراءَ؛ مَعَ أنَّهُ واجِبٌ في الإبْداءِ أيْضًا؛ لِما أنَّ الإخْفاءَ مَظِنَّةُ الِالتِباسِ؛ والِاشْتِباهِ؛ فَإنَّ الغَنِيَّ رُبَّما يَدَّعِي الفَقْرَ؛ ويُقْدِمُ عَلى قَبُولِ الصَّدَقَةِ سِرًّا؛ ولا (p-264)يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَ النّاسِ؛ ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾؛ أيْ: فالإخْفاءُ خَيْرٌ لَكم مِنَ الإبْداءِ؛ وهَذا في التَّطَوُّعِ؛ ومَن لَمْ يُعَرِّفْ بِالمالِ؛ وأمّا في الواجِبِ فالأمْرُ بِالعَكْسِ؛ لِدَفْعِ التُّهْمَةِ؛ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما -: "صَدَقَةُ السِّرِّ في التَّطَوُّعِ تَفْضُلُ عَلانِيَتَها سَبْعِينَ ضِعْفًا؛ وصَدَقَةُ الفَرِيضَةِ عَلانِيَتُها أفْضَلُ مِن سِرِّها بِخَمْسَةٍ وعِشْرِينَ ضِعْفًا؛ ﴿وَيُكَفِّرُ عَنْكم مِن سَيِّئاتِكُمْ﴾؛ أيْ: واللَّهُ يُكَفِّرُ؛ أوْ: الإخْفاءُ؛ و"مِن" تَبْعِيضِيَّةٌ؛ أيْ: شَيْئًا مِن سَيِّئاتِكُمْ؛ كَما سَتَرْتُمُوها؛ وقِيلَ: مَزِيدَةٌ؛ عَلى رَأْيِ الأخْفَشِ؛ وقُرِئَ بِالتّاءِ؛ مَرْفُوعًا؛ ومَجْزُومًا؛ عَلى أنَّ الفِعْلَ لِـ "الصَّدَقاتِ"؛ وقُرِئَ بِالنُّونِ؛ مَرْفُوعًا؛ عَطْفًا عَلى مَحَلِّ ما بَعْدَ الفاءِ؛ أوْ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ؛ أيْ: ونَحْنُ نُكَفِّرُ؛ أوْ عَلى أنَّها جُمْلَةٌ مُبْتَدَأةٌ؛ مِن فِعْلٍ وفاعِلٍ؛ وقُرِئَ مَجْزُومًا؛ عَطْفًا عَلى مَحَلِّ الفاءِ؛ وما بَعْدَهُ؛ لِأنَّهُ جَوابُ الشَّرْطِ؛ ﴿واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ﴾؛ مِنَ الإسْرارِ؛ والإعْلانِ؛ ﴿خَبِيرٌ﴾؛ فَهو تَرْغِيبٌ في الإسْرارِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب