الباحث القرآني
﴿أيَوَدُّ أحَدُكُمْ﴾: "الوُدُّ": حُبُّ الشَّيْءِ مَعَ تَمَنِّيهِ؛ ولِذَلِكَ يُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمالَهُما؛ والهَمْزَةُ لِإنْكارِ الوُقُوعِ؛ كَما في قَوْلِهِ: "أأضْرِبُ أبِي؟"؛ لا لِإنْكارِ الواقِعِ؛ كَما في قَوْلِكَ: "أتَضْرِبُ أباكَ؟"؛ عَلى أنَّ مَناطَ الإنْكارِ لَيْسَ جَمِيعَ ما تَعَلَّقَ بِهِ الوُدُّ؛ بَلْ إنَّما هو إصابَةُ الإعْصارِ؛ وما يَتْبَعُها مِنَ الِاحْتِراقِ؛ ﴿أنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ﴾؛ وقُرِئَ: "جَنّاتٌ"؛ ﴿مِن نَخِيلٍ وأعْنابٍ﴾؛ أيْ: كائِنَةٌ مِنهُما؛ عَلى أنْ يَكُونَ الأصْلُ؛ والرُّكْنُ فِيها هَذَيْنِ الجِنْسَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ؛ الجامِعَيْنِ لِفُنُونِ المَنافِعِ؛ والباقِي مِنَ المُسْتَتْبِعاتِ؛ لا عَلى أنْ يَكُونَ فِيها غَيْرُهُما؛ كَما سَتَعْرِفُهُ؛ و"الجَنَّةُ": تُطْلَقُ عَلى الأشْجارِ المُلْتَفَّةِ؛ المُتَكاثِفَةِ؛ قالَ زُهَيْرٌ:
؎ كَأنَّ عَيْنَيَّ في غَرْبَيْ مُفَتَّلَةٍ ∗∗∗ مِنَ النَّواضِحِ تَسْقِي جَنَّةً سُحُقًا
وَعَلى الأرْضِ المُشْتَمِلَةِ عَلَيْها؛ والأوَّلُ هو الأنْسَبُ بِقَوْلِهِ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾؛ إذْ عَلى الثّانِي لا بُدَّ مِن تَقْدِيرِ مُضافٍ؛ أيْ: مِن تَحْتِ أشْجارِها؛ وكَذا لا بُدَّ مِن جَعْلِ إسْنادِ الِاحْتِراقِ إلَيْها فِيما سَيَأْتِي مَجازِيًّا؛ والجُمْلَةُ في مَحَلِّ الرَّفْعِ؛ عَلى أنَّها صِفَةُ "جَنَّةٌ"؛ كَما أنَّ قَوْلَهُ (تَعالى): ﴿مِن نَخِيلٍ وأعْنابٍ﴾؛ كَذَلِكَ؛ أوْ في مَحَلِّ النَّصْبِ؛ عَلى أنَّها حالٌ مِنها؛ لِأنَّها مَوْصُوفَةٌ؛ ﴿لَهُ فِيها مِن كُلِّ الثَّمَراتِ﴾: الظَّرْفُ الأوَّلُ خَبَرٌ؛ والثّانِي حالٌ؛ والثّالِثُ مُبْتَدَأٌ؛ أيْ: صِفَةٌ لِلْمُبْتَدَإ؛ قائِمَةٌ مَقامَهُ؛ أيْ: لَهُ رِزْقٌ مِن كُلِّ الثَّمَراتِ؛ كَما في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿وَما مِنّا إلا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ﴾؛ أيْ: وما مِنّا أحَدٌ إلّا لَهُ.. إلَخْ.. ولَيْسَ المُرادُ بِالثَّمَراتِ العُمُومَ؛ بَلْ إنَّما هو التَّكْثِيرُ؛ كَما في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾ .
﴿وَأصابَهُ الكِبَرُ﴾؛ أيْ: كِبَرُ السِّنِّ؛ الَّذِي هو مَظِنَّةُ شِدَّةِ الحاجَةِ إلى مَنافِعِها؛ ومَئِنَّةُ كَمالِ العَجْزِ عَنْ تَدارُكِ أسْبابِ المَعاشِ؛ والواوُ حالِيَّةٌ؛ أيْ: وقَدْ أصابَهُ الكِبَرُ؛ ﴿وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ﴾: حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في "أصابَهُ"؛ أيْ: أصابَهُ الكِبَرُ والحالُ أنَّ لَهُ ذُرِّيَّةً صِغارًا؛ لا يَقْدِرُونَ عَلى الكَسْبِ؛ وتَرْتِيبِ مَبادِي المَعاشِ؛ وقُرِئَ: "ضِعافٌ"؛ ﴿فَأصابَها إعْصارٌ﴾؛ أيْ: رِيحٌ عاصِفَةٌ؛ تَسْتَدِيرُ في الأرْضِ؛ ثُمَّ تَنْعَكِسُ مِنها ساطِعَةً إلى السَّماءِ؛ عَلى هَيْئَةِ العَمُودِ؛ ﴿فِيهِ نارٌ﴾؛ شَدِيدَةٌ؛ ﴿فاحْتَرَقَتْ﴾: عَطْفٌ عَلى "فَأصابَها"؛ وهَذا كَما تَرى تَمْثِيلٌ لِحالِ مَن يَعْمَلُ أعْمالَ البِرِّ والحَسَناتِ؛ ويَضُمُّ إلَيْها ما يُحْبِطُها مِنَ القَوادِحِ؛ ثُمَّ يَجِدُها يَوْمَ القِيامَةِ؛ عِنْدَ كَمالِ حاجَتِهِ إلى ثَوابِها؛ هَباءً مَنثُورًا؛ في التَّحَسُّرِ؛ (p-261)والتَّأسُّفِ عَلَيْها؛ ﴿كَذَلِكَ﴾: تَوْحِيدُ الكافِ؛ مَعَ كَوْنِ المُخاطَبِ جَمْعًا؛ قَدْ مَرَّ وجْهُهُ مِرارًا؛ أيْ: مِثْلَ ذَلِكَ البَيانِ الواضِحِ الجارِي في الظُّهُورِ مُجْرى الأُمُورِ المَحْسُوسَةِ؛ ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكم تَتَفَكَّرُونَ﴾؛ كَيْ تَتَفَكَّرُوا فِيها؛ وتَعْتَبِرُوا بِما فِيها مِنَ العِبَرِ؛ وتَعْمَلُوا بِمُوجِبِها.
{"ayah":"أَیَوَدُّ أَحَدُكُمۡ أَن تَكُونَ لَهُۥ جَنَّةࣱ مِّن نَّخِیلࣲ وَأَعۡنَابࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ لَهُۥ فِیهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰتِ وَأَصَابَهُ ٱلۡكِبَرُ وَلَهُۥ ذُرِّیَّةࣱ ضُعَفَاۤءُ فَأَصَابَهَاۤ إِعۡصَارࣱ فِیهِ نَارࣱ فَٱحۡتَرَقَتۡۗ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق