الباحث القرآني

﴿لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ في أيْمانِكُمْ﴾: اللَّغْوُ: ما سَقَطَ مِنَ الكَلامِ عَنْ دَرَجَةِ الِاعْتِبارِ؛ والمُرادُ بِهِ في الأيْمانِ: ما لا عَقْدَ مَعَهُ؛ ولا قَصْدَ؛ كَما يُنْبِئُ عَنْهُ قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿وَلَكِنْ يُؤاخِذُكم بِما عَقَّدْتُمُ الأيْمانَ﴾؛ وهو المَعْنِيُّ بِقَوْلِهِ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَلَكِنْ يُؤاخِذُكم بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾؛ وقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ؛ فَعِنْدَنا هو أنْ يَحْلِفَ عَلى شَيْءٍ يَظُنُّهُ عَلى ما حَلَفَ عَلَيْهِ؛ ثُمَّ يَظْهَرُ خِلافُهُ؛ فَإنَّهُ لا قَصْدَ فِيهِ إلى الكَذِبِ؛ وعِنْدَ الشّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هو قَوْلُ العَرَبِ: "لا واللَّهِ"؛ و"بَلى واللَّهِ"؛ مِمّا يُؤَكِّدُونَ بِهِ كَلامَهُمْ؛ مِن غَيْرِ إخْطارِ الحَلِفِ بِالبالِ؛ فالمَعْنى عَلى الأوَّلِ: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ؛ أيْ: لا يُعاقِبُكُمْ؛ بِلَغْوِ اليَمِينِ؛ الَّذِي يَحْلِفُهُ أحَدُكُمْ؛ ظانًّا أنَّهُ صادِقٌ فِيهِ؛ ولَكِنْ يُعاقِبُكم بِما اقْتَرَفَتْهُ قُلُوبُكم مِن إثْمِ القَصْدِ إلى الكَذِبِ في اليَمِينِ؛ وذَلِكَ في الغَمُوسِ؛ وعَلى الثّانِي: لا يُلْزِمُكُمُ الكَفّارَةَ بِما لا قَصْدَ مَعَهُ إلى اليَمِينِ؛ ولَكِنْ يُلْزِمُكُمُوها بِما نَوَتْ قُلُوبُكُمْ؛ وقَصَدَتْ بِهِ اليَمِينَ؛ ولَمْ يَكُنْ كَسْبَ اللِّسانِ فَقَطْ؛ ﴿واللَّهُ غَفُورٌ﴾؛ حَيْثُ لَمْ يُؤاخِذْكم بِاللَّغْوِ؛ مَعَ كَوْنِهِ ناشِئًا مِن عَدَمِ التَّثَبُّتِ؛ وقِلَّةِ المُبالاةِ؛ ﴿حَلِيمٌ﴾؛ حَيْثُ لَمْ يُعَجِّلْ بِالمُؤاخَذَةِ؛ والجُمْلَةُ اعْتِراضٌ مُقَرِّرٌ لِمَضْمُونِ قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿لا يُؤاخِذُكُمُ﴾؛ إلَخْ.. وفِيهِ إيذانٌ بِأنَّ المُرادَ بِالمُؤاخَذَةِ: المُعاقَبَةُ؛ لا إيجابُ الكَفّارَةِ؛ إذْ هي الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِها المَغْفِرَةُ؛ والحِلْمُ؛ دُونَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب