الباحث القرآني

﴿يا أيُّها النّاسُ كُلُوا مِمّا في الأرْضِ﴾؛ أيْ: بَعْضِ ما فِيها مِن أصْنافِ المَأْكُولاتِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها ما حَرَّمْتُمُوهُ؛ افْتِراءً عَلى اللَّهِ؛ مِنَ الحَرْثِ والأنْعامِ؛ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما -: "نَزَلَتْ في قَوْمٍ مِن ثَقِيفٍ؛ وبَنِي عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ؛ وخُزاعَةَ؛ وبَنِي مُدْلِجٍ؛ حَرَّمُوا عَلى أنْفُسِهِمْ ما حَرَّمُوهُ مِنَ الحَرْثِ؛ والبَحائِرِ؛ والسَّوائِبِ؛ والوَصائِلِ؛ والحامِ"؛ وقَوْلُهُ (تَعالى): ﴿حَلالا﴾: حالٌ مِنَ المَوْصُولِ؛ أيْ: كُلُوهُ حالَ كَوْنِهِ حَلالًا؛ أوْ مَفْعُولٌ لِـ "كُلُوا"؛ عَلى أنَّ "مِن" ابْتِدائِيَّةٌ؛ وقَدْ جُوِّزَ كَوْنُهُ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مُؤَكِّدٍ؛ أيْ: أكْلًا حَلالًا؛ ويُؤَيِّدُ الأوَّلَيْنِ قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿طَيِّبًا﴾؛ فَإنَّهُ صِفَةٌ لَهُ؛ ووَصْفُ الأكْلِ بِهِ غَيْرُ مُعْتادٍ؛ وقِيلَ: نَزَلَتْ في قَوْمٍ مِنَ المُؤْمِنِينَ؛ حَرَّمُوا عَلى أنْفُسِهِمْ رَفِيعَ الأطْعِمَةِ؛ والمَلابِسِ؛ ويَرُدُّهُ قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ﴾؛ أيْ: لا تَقْتَدُوا بِها في اتِّباعِ الهَوى؛ فَإنَّهُ صَرِيحٌ في أنَّ الخِطابَ لِلْكَفَرَةِ؛ كَيْفَ لا.. وتَحْرِيمُ الحَلالِ عَلى نَفْسِهِ تَزَهُّدًا لَيْسَ مِن بابِ اتِّباعِ خُطُواتِ الشَّيْطانِ؛ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ تَقَوُّلًا؛ وافْتِراءً عَلى اللَّهِ (تَعالى)؛ وإنَّما نَزَلَ فِيهِمْ ما في (p-188)سُورَةِ "المائِدَةِ"؛ مِن قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾؛ الآيَةِ.. وقُرِئَ: "خُطْواتِ"؛ بِسُكُونِ الطّاءِ؛ وهُما لُغَتانِ في جَمْعِ "خُطْوَةٌ"؛ وهي ما بَيْنَ قَدَمَيِ الخاطِي؛ وقُرِئَ بِضَمَّتَيْنِ وهَمْزَةٍ؛ جُعِلَتِ الضَّمَّةُ عَلى الطّاءِ؛ كَأنَّها عَلى الواوِ؛ وبِفَتْحَتَيْنِ عَلى أنَّها جَمْعُ "خَطْوَةٌ" وهي المَرَّةُ مِن "الخَطْوُ"؛ ﴿إنَّهُ لَكم عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾: تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ؛ أيْ: ظاهِرُ العَداوَةِ عِنْدَ ذَوِي البَصِيرَةِ؛ وإنْ كانَ يُظْهِرُ الوِلايَةَ لِمَن يُغْوِيهِ؛ ولِذَلِكَ سُمِّيَ "وَلِيًّا"؛ في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿أوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب