الباحث القرآني

﴿وَلِلَّهِ المَشْرِقُ والمَغْرِبُ﴾؛ أيْ: لَهُ كُلُّ الأرْضِ الَّتِي هي عِبارَةٌ عَنْ ناحِيَتَيِ المَشْرِقِ؛ والمَغْرِبِ؛ لا يَخْتَصُّ بِهِ؛ مِن حَيْثُ المِلْكُ؛ والتَّصَرُّفُ؛ ومِن حَيْثُ المَحَلِّيَّةُ؛ لِعِبادَتِهِ مَكانٌ مِنها دُونَ مَكانٍ؛ فَإنْ مُنِعْتُمْ مِن إقامَةِ العِبادَةِ في المَسْجِدِ الأقْصى؛ أوِ المَسْجِدِ الحَرامِ؛ ﴿فَأيْنَما تُوَلُّوا﴾؛ أيْ: فَفي أيِّ مَكانٍ فَعَلْتُمْ تَوْلِيَةَ وُجُوهِكم شَطْرَ القِبْلَةِ؛ ﴿فَثَمَّ وجْهُ اللَّهِ﴾؛ "ثَمَّ": اسْمُ إشارَةٍ لِلْمَكانِ البَعِيدِ خاصَّةً؛ مَبْنِيٌّ عَلى الفَتْحِ؛ ولا يَتَصَرَّفُ؛ سِوى الجَرِّ بِـ "مِن"؛ وهو خَبَرٌ مُقَدَّمٌ؛ و"وَجْهُ اللَّهِ": مُبْتَدَأٌ؛ والجُمْلَةُ في مَحَلِّ الجَزْمِ؛ عَلى أنَّها جَوابُ الشَّرْطِ؛ أيْ: هُناكَ جِهَتُهُ الَّتِي أمَرَ بِها؛ فَإنَّ إمْكانَ التَّوْلِيَةِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِمَسْجِدٍ دُونَ مَسْجِدٍ؛ أوْ مَكانٍ دُونَ آخَرَ؛ أوْ "فَثَمَّ ذاتُهُ"؛ بِمَعْنى الحُضُورِ العِلْمِيِّ؛ أيْ فَهو عالِمٌ بِما يُفْعَلُ فِيهِ؛ ومُثِيبٌ لَكم عَلى ذَلِكَ؛ وقُرِئَ بِفَتْحِ التّاءِ واللّامِ؛ أيْ: فَأيْنَما تَوَجَّهُوا القِبْلَةُ؛ ﴿إنَّ اللَّهَ واسِعٌ﴾؛ بِإحاطَتِهِ بِالأشْياءِ؛ أوْ بِرَحْمَتِهِ يُرِيدُ التَّوْسِعَةَ عَلى عِبادِهِ؛ ﴿عَلِيمٌ﴾؛ بِمَصالِحِهِمْ؛ وأعْمالِهِمْ في الأماكِنِ كُلِّها؛ والجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِمَضْمُونِ الشَّرْطِيَّةِ؛ وعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما -: نَزَلَتْ في صَلاةِ المُسافِرِينَ عَلى الرّاحِلَةِ؛ أيْنَما تَوَجَّهُوا؛ وقِيلَ: في قَوْمٍ عُمِّيَتْ عَلَيْهِمُ القِبْلَةُ؛ فَصَلَّوْا إلى أنْحاءَ مُخْتَلِفَةٍ؛ فَلَمّا أصْبَحُوا تَبَيَّنُوا خَطَأهُمْ؛ وعَلى هَذا لَوْ أخْطَأ المُجْتَهِدُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الخَطَأُ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّدارُكُ؛ وقِيلَ: هي تَوْطِئَةٌ لَنَسْخِ القِبْلَةِ؛ وتَنْزِيهٌ لِلْمَعْبُودِ عَنْ أنْ يَكُونَ في جِهَةٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب