الباحث القرآني
(p-149)﴿وَمَن أظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ﴾: إنْكارٌ؛ واسْتِبْعادٌ لِأنْ يَكُونَ أحَدٌ أظْلَمَ مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ؛ أوْ مُساوِيًا لَهُ؛ وإنْ لَمْ يَكُنْ سَبْكُ التَّرْكِيبِ مُتَعَرِّضًا لِإنْكارِ المُساواةِ؛ ونَفْيُها يَشْهَدُ بِهِ العُرْفُ الفاشِي؛ والِاسْتِعْمالُ المُطَّرِدُ؛ فَإذا قِيلَ: "مَن أكْرَمُ مِن فُلانٍ؟!"؛ أوْ: "لا أفْضَلُ مِن فُلانٍ"؛ فالمُرادُ بِهِ حَتْمًا أنَّهُ أكْرَمُ مِن كُلِّ كَرِيمٍ؛ وأفْضَلُ مِن كُلِّ فاضِلٍ؛ وهَذا الحُكْمُ عامٌّ لِكُلِّ مَن فَعَلَ ذَلِكَ؛ في أيِّ مَسْجِدٍ كانَ؛ وإنْ كانَ سَبَبُ النُّزُولِ فِعْلَ طائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ في مَسْجِدٍ مَخْصُوصٍ؛ رُوِيَ أنَّ النَّصارى كانُوا يَطْرَحُونَ في بَيْتِ المَقْدِسِ الأذى؛ ويَمْنَعُونَ النّاسَ أنْ يُصَلُّوا فِيهِ؛ وأنَّ الرُّومَ غَزَوْا أهْلَهُ؛ فَخَرَّبُوهُ؛ وأحْرَقُوا التَّوْراةَ؛ وقَتَلُوا؛ وسَبَوْا؛ وقَدْ نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما - أنَّ طِيطَيُوسَ الرُّومِيَّ؛ مَلِكَ النَّصارى؛ وأصْحابَهُ؛ غَزَوْا بَنِي إسْرائِيلَ؛ وقَتَلُوا مُقاتِلَتَهُمْ؛ وسَبَوْا ذَرارِيَهُمْ؛ وأحْرَقُوا التَّوْراةَ؛ وخَرَّبُوا بَيْتَ المَقْدِسِ؛ وقَذَفُوا فِيهِ الجِيَفَ؛ وذَبَحُوا فِيهِ الخَنازِيرَ؛ ولَمْ يَزَلْ خَرابًا حَتّى بَناهُ المُسْلِمُونَ في عَهْدِ عُمْرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ وإنَّما أُوقِعَ المَنعُ عَلى المَساجِدِ؛ وإنْ كانَ المَمْنُوعُ هو النّاسَ؛ لِما أنَّ فِعْلَهُمْ؛ مِن طَرْحِ الأذى؛ والتَّخْرِيبِ؛ ونَحْوِهِما؛ مُتَعَلِّقٌ بِالمَسْجِدِ؛ لا بِالنّاسِ؛ مَعَ كَوْنِهِ عَلى حالِهِ؛ وتَعَلُّقُ الآيَةِ الكَرِيمَةِ بِما قَبْلَها؛ مِن حَيْثُ إنَّها مُبْطِلَةٌ لِدَعْوى النَّصارى اخْتِصاصَهم بِدُخُولِ الجَنَّةِ؛ وقِيلَ: هو مَنعُ المُشْرِكِينَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أنْ يَدْخُلَ المَسْجِدَ الحَرامَ عامَ الحُدَيْبِيَةِ؛ فَتَعَلُّقُها بِما تَقَدَّمَها مِن جِهَةِ أنَّ المُشْرِكِينَ مِن جُمْلَةِ الجاهِلِينَ؛ القائِلِينَ لِكُلِّ مَن عَداهُمْ: لَيْسُوا عَلى شَيْءٍ؛ ﴿أنْ يُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ﴾: ثانِي مَفْعُولَيْ "مَنَعَ"؛ كَقَوْلِهِ (تَعالى): " وما مَنَعَ النّاسَ أنْ يُؤْمِنُوا "؛ وقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿وَما مَنَعَنا أنْ نُرْسِلَ بِالآياتِ إلا أنْ كَذَّبَ بِها الأوَّلُونَ﴾؛ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحَذْفِ الجارِّ؛ مَعَ "أنْ"؛ وأنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَفْعُولًا لَهُ؛ أيْ: "يُذَكَرَ فِيها اسْمُهُ"؛ ﴿وَسَعى في خَرابِها﴾؛ بِالهَدْمِ؛ أوِ التَّعْطِيلِ؛ بِانْقِطاعِ الذِّكْرِ؛ ﴿أُولَئِكَ﴾؛ المانِعُونَ؛ الظّالِمُونَ؛ السّاعُونَ في خَرابِها؛ ﴿ما كانَ لَهم أنْ يَدْخُلُوها إلا خائِفِينَ﴾؛ أيْ: ما كانَ يَنْبَغِي لَهم أنْ يَدْخُلُوها إلّا بِخَشْيَةٍ؛ وخُضُوعٍ؛ فَضْلًا عَنْ الِاجْتِراءِ عَلى تَخْرِيبِها؛ أوْ تَعْطِيلِها؛ أوْ: ما كانَ الحَقُّ أنْ يَدْخُلُوها إلّا عَلى حالِ التَّهَيُّبِ؛ وارْتِعادِ الفَرائِصِ؛ مِن جِهَةِ المُؤْمِنِينَ؛ أنْ يَبْطِشُوا بِهِمْ؛ فَضْلًا عَنْ أنْ يَسْتَوْلُوا عَلَيْها؛ ويَلُوها؛ ويَمْنَعُوهم مِنها؛ أوْ: ما كانَ لَهم في عِلْمِ اللَّهِ (تَعالى)؛ وقَضائِهِ بِالآخِرَةِ؛ إلّا ذَلِكَ؛ فَيَكُونُ وعْدًا لِلْمُؤْمِنِينَ بِالنُّصْرَةِ؛ واسْتِخْلاصِ ما اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ مِنهُمْ؛ وقَدْ أُنْجِزَ الوَعْدُ؛ ولِلَّهِ الحَمْدُ؛ رُوِيَ أنَّهُ لا يَدْخُلُ بَيْتَ المَقْدِسِ أحَدٌ مِنَ النَّصارى إلّا مُتَنَكِّرًا؛ مُسارَقَةً؛ وقِيلَ: مَعْناهُ النَّهْيُ عَنْ تَمْكِينِهِمْ مِنَ الدُّخُولِ في المَسْجِدِ؛ واخْتَلَفَ الأئِمَّةُ في ذَلِكَ؛ فَجَوَّزَهُ أبُو حَنِيفَةَ مُطْلَقًا؛ ومَنَعَهُ مالِكٌ مُطْلَقًا؛ وفَرَّقَ الشّافِعِيُّ بَيْنَ المَسْجِدِ الحَرامِ وغَيْرِهِ؛ ﴿وَلَهُمْ﴾؛ أيْ: لِأُولَئِكَ المَذْكُورِينَ؛ ﴿فِي الدُّنْيا خِزْيٌ﴾؛ أيْ: خِزْيٌ فَظِيعٌ؛ لا يُوصَفُ؛ بِالقَتْلِ؛ والسَّبْيِ؛ والإذْلالِ بِضَرْبِ الجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ؛ ﴿وَلَهم في الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾؛ وهو عَذابُ النّارِ؛ لِما أنَّ سَبَبَهُ أيْضًا - وهو ما حُكِيَ مِن ظُلْمِهِمْ - كَذَلِكَ في العِظَمِ؛ وتَقْدِيمُ الظَّرْفِ في المَوْضِعَيْنِ لِلتَّشْوِيقِ إلى ما يُذْكَرُ بَعْدَهُ مِنَ الخِزْيِ؛ والعَذابِ؛ لِما مَرَّ مِن أنَّ تَأْخِيرَ ما حَقُّهُ التَّقْدِيمُ مُوجِبٌ لِتَوَجُّهِ النَّفْسِ إلَيْهِ؛ فَيَتَمَكَّنُ فِيها عِنْدَ وُرُودِهِ أفْضَلَ تَمَكُّنٍ؛ كَما في (p-150)قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿ألَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾؛ و﴿وَأنْزَلَ لَكم مِنَ الأنْعامِ ثَمانِيَةَ أزْواجٍ﴾؛ إلى غَيْرِ ذَلِكَ.
{"ayah":"وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَـٰجِدَ ٱللَّهِ أَن یُذۡكَرَ فِیهَا ٱسۡمُهُۥ وَسَعَىٰ فِی خَرَابِهَاۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَا كَانَ لَهُمۡ أَن یَدۡخُلُوهَاۤ إِلَّا خَاۤىِٕفِینَۚ لَهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا خِزۡیࣱ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











