﴿أوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْدًا﴾: الهَمْزَةُ لِلْإنْكارِ؛ والواوُ لِلْعَطْفِ عَلى مُقَدَّرٍ؛ يَقْتَضِيهِ المَقامُ؛ أيْ: أكَفَرُوا بِها وهي في غايَةِ الوُضُوحِ؟ وكُلَّما عاهَدُوا عَهْدًا؛ ومِن جُمْلَةِ ذَلِكَ ما أُشِيرَ إلَيْهِ في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿وَكانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾؛ مِن قَوْلِهِمْ لِلْمُشْرِكِينَ: قَدْ أظَلَّ زَمانُ نَبِيٍّ يَخْرُجُ بِتَصْدِيقِ ما قُلْنا فَنَقْتُلُكم مَعَهُ قَتْلَ عادٍ وإرَمَ؛ وقُرِئَ بِسُكُونِ الواوِ؛ عَلى أنَّ تَقْدِيرَ النَّظْمِ الكَرِيمِ: وما يَكْفُرُ بِها إلّا الَّذِينَ فَسَقُوا؛ أوْ نَقَضُوا عُهُودَهم مِرارًا كَثِيرَةً؛ وقُرِئَ: "عُوهِدُوا"؛ و"عَهِدُوا"؛ وقَوْلُهُ (تَعالى): ﴿عَهْدًا﴾: إمّا مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِـ "عاهَدُوا"؛ مِن غَيْرِ لَفْظِهِ؛ أوْ مَفْعُولٌ لَهُ عَلى أنَّهُ بِمَعْنى "أعْطَوُا العَهْدَ"؛ ﴿نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنهُمْ﴾ أيْ: رَمَوْا بِالزِّمامِ؛ ورَفَضُوهُ؛ وقُرِئَ: "نَقَضَهُ"؛ وإسْنادُ النَّبْذِ إلى فَرِيقٍ مِنهم لِأنَّ مِنهم مَن لَمْ يَنْبِذْهُ؛ ﴿بَلْ أكْثَرُهم لا يُؤْمِنُونَ﴾: أيْ بِالتَّوْراةِ؛ وهَذا دَفْعٌ لِما يُتَوَهَّمُ مِن أنَّ النّابِذِينَ هُمُ الأقَلُّونَ؛ وأنَّ مَن لَمْ يَنْبِذْ جِهارًا فَهم يُؤْمِنُونَ بِها سِرًّا.
{"ayah":"أَوَكُلَّمَا عَـٰهَدُوا۟ عَهۡدࣰا نَّبَذَهُۥ فَرِیقࣱ مِّنۡهُمۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ"}