الباحث القرآني

(p-281)﴿ألَمْ تَرَ أنّا أرْسَلْنا الشَّياطِينَ عَلى الكافِرِينَ﴾ تَعْجِيبٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِمّا نَطَقَتْ بِهِ الآياتُ الكَرِيمَةُ السّالِفَةُ، وحَكَتْهُ عَنْ هَؤُلاءِ الكَفَرَةِ والغُواةِ والمَرَدَةِ العُتاةِ مِن فُنُونِ القَبائِحِ مِنَ الأقاوِيلِ والأفاعِيلِ، والتَّمادِي في الغَيِّ والِانْهِماكِ في الضَّلالِ، والإفْراطِ في العِنادِ، والتَّصْمِيمِ عَلى الكُفْرِ مِن غَيْرِ صارِفٍ يَلْوِيهِمْ، ولا عاطِفٍ يَثْنِيهِمْ. والإجْماعِ عَلى مُدافَعَةِ الحَقِّ بَعْدَ اتِّضاحِهِ، وانْتِفاءِ الشَّكِّ عَنْهُ بِالكُلِّيَّةِ، وتَنْبِيهٌ عَلى أنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنهم بِإضْلالِ الشَّياطِينِ وإغْوائِهِمْ. لا لِأنَّ لَهُ مُسَوِّغًا ما في الجُمْلَةِ، ومَعْنى إرْسالِ الشَّياطِينِ عَلَيْهِمْ، إمّا تَسْلِيطُهم عَلَيْهِمْ وتَمْكِينُهم مِن إضْلالِهِمْ، وإمّا تَقْيِيضُهم لَهم. ولَيْسَ المُرادُ تَعْجِيبَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِن إرْسالِهِمْ عَلَيْهِمْ كَما يُوهِمُهُ تَعْلِيقُ الرُّؤْيَةِ بِهِ بَلْ مِمّا ذُكِرَ مِن أحْوالِ الكَفَرَةِ مِن حَيْثُ كَوْنُها مِن آثارِ إغْواءِ الشَّياطِينِ، كَما يُنْبِئُ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تَؤُزُّهم أزًّا﴾ فَإنَّهُ إمّا حالٌ مُقَدَّرَةٌ مِنَ الشَّياطِينِ، أوِ اسْتِئْنافٌ وقَعَ جَوابًا عَمّا نَشَأ مِن صَدْرِ الكَلامِ. كَأنَّهُ قِيلَ: ماذا يَفْعَلُ الشَّياطِينُ بِهِمْ حِينَئِذٍ؟ فَقِيلَ: تَؤُزُّهم. أيْ: تُغْرِيهِمْ وتُهَيِّجُهم عَلى المَعاصِي تَهْيِيجًا شَدِيدًا بِأنْواعِ الوَساوِسِ والتَّسْوِيلاتِ، فَإنَّ الأزَّ والهَزَّ والِاسْتِفْزازَ أخَواتٌ، مَعْناها: شِدَّةُ الإزْعاجِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب