الباحث القرآني

﴿فَكُلِي واشْرَبِي﴾ (p-263)أيْ: ذَلِكَ الرُّطَبَ، وماءَ السَّرِيِّ. أوْ مِنَ الرُّطَبِ وعَصِيرِهِ. ﴿وَقَرِّي عَيْنًا﴾ وطِيبِي نَفْسًا، وارْفُضِي عَنْها ما أحْزَنَكِ وأهَمَّكِ، فَإنَّهُ تَعالى قَدْ نَزَّهَ ساحَتَكِ عَمّا اخْتَلَجَ في صُدُورِ المُتَعَبِّدِينَ بِالأحْكامِ العادِيَّةِ بِأنْ أظْهَرَ لَهم مِنَ البَسائِطِ العُنْصُرِيَّةِ، والمُرَكَّباتِ النَّباتِيَّةِ ما يَخْرِقُ العاداتِ التَّكْوِينِيَّةَ، ويُرْشِدُهم إلى الوُقُوفِ عَلى سَرِيرَةِ أمْرِكِ، وقُرِئَ: (وَقِرِّي) بِكَسْرِ القافِ، وهي لُغَةُ نَجْدٍ. واشْتِقاقُهُ مِنَ القَرارِ، فَإنَّ العَيْنَ إذا رَأتْ ما يُسِرُّ النَّفْسَ سَكَنَتْ إلَيْهِ مِنَ النَّظَرِ إلى غَيْرِهِ، أوْ مِنَ القَرِّ، فَإنَّ دَمْعَةَ السُّرُورِ بارِدَةٌ، ودَمْعَةَ الحُزْنِ حارَّةٌ. ولِذَلِكَ يُقالُ: قُرَّةُ العَيْنِ، وسُخْنَةُ العَيْنِ لِلْمَحْبُوبِ والمَكْرُوهِ. ﴿فَإمّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أحَدًا﴾ أيْ: آدَمِيًّا كائِنًا مَن كانَ، وقُرِئَ: (تَرَئِنَّ) عَلى لُغَةِ مَن يَقُولُ: لَبَّأْتُ بِالحَجِّ. لِما بَيْنَ الهَمْزَةِ والياءِ مِنَ التَّآخِي. ﴿فَقُولِي﴾ لَهُ إنِ اسْتَنْطَقَكِ. ﴿إنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا﴾ أيْ: صَمْتًا وقَدْ قُرِئَ كَذَلِكَ، أوْ صِيامًا وكانَ صِيامُهم بِالسُّكُوتِ. ﴿فَلَنْ أُكَلِّمَ اليَوْمَ إنْسِيًّا﴾ أيْ: بَعْدَ أنْ أخْبَرْتُكم بِنَذْرِي، وإنَّما أُكَلِّمُ المَلائِكَةَ، وأُناجِي رَبِّي. وقِيلَ: أُمِرَتْ بِأنْ تُخْبِرَ بِنَذْرِها بِالإشارَةِ، وهو الأظْهَرُ. قالَ الفَرّاءُ: العَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ ما وصَلَ إلى الإنْسانِ كَلامًا بِأيِّ طَرِيقٍ وصَلَ ما لَمْ يُؤَكَّدْ بِالمَصْدَرِ، فَإذا أُكِّدَ لَمْ يَكُنْ إلّا حَقِيقَةُ الكَلامِ، وإنَّما أُمِرَتْ بِذَلِكَ لِكَراهَةِ مُجادِلَةِ السُّفَهاءِ، ومُناقِلَتِهِمْ. والِاكْتِفاءِ بِكَلامِ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ فَإنَّهُ نَصٌّ قاطِعٌ في قَطْعِ الطَّعْنِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب