الباحث القرآني

﴿فَضَرَبْنا عَلى آذانِهِمْ﴾ أيْ: أنَمْناهم عَلى طَرِيقَةِ التَّمْثِيلِ المَبْنِيِّ عَلى تَشْبِيهِ الإنامَةِ الثَّقِيلَةِ المانِعَةِ عَنْ وُصُولِ الأصْواتِ إلى الآذانِ بِضَرْبِ الحِجابِ عَلَيْها، وتَخْصِيصُ الآذانِ بِالذِّكْرِ مَعَ اشْتِراكِ سائِرِ المَشاعِرِ لَها في الحَجْبِ عَنِ الشُّعُورِ عِنْدَ النَّوْمِ لِما أنَّها المُحْتاجُ إلى الحَجْبِ عادَةً إذْ هي الطَّرِيقَةُ لِلتَّيَقُّظِ غالِبًا لا سِيَّما عِنْدَ انْفِرادِ النّائِمِ، واعْتِزالِهِ عَنِ الخَلْقِ. وقِيلَ: الضَّرْبُ عَلى الآذانِ: كِنايَةٌ عَنِ الإنامَةِ الثَّقِيلَةِ، وحَمْلُهُ عَلى تَعْطِيلِها، كَما في قَوْلِهِمْ: ضَرَبَ الأمِيرُ عَلى يَدِ الرَّعِيَّةِ، أيْ: مَنَعَهم مِنَ التَّصَرُّفِ مَعَ عَدَمِ مُلاءَمَتِهِ لِما سَيَأْتِي مِنَ البَعْثِ لا يَدُلُّ عَلى النَّوْمِ، مَعَ أنَّهُ المُرادُ قَطْعًا. و "الفاءُ" في "فَضَرَبْنا" كَما في قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فاسْتَجَبْنا لَهُ﴾ بَعْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إذْ نادى﴾ فَإنَّ الضَّرْبَ المَذْكُورَ، وما تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنَ التَّقْلِيبِ ذاتَ اليَمِينِ، وذاتَ الشِّمالِ، والبَعْثِ، وغَيْرِ ذَلِكَ (p-207)إيتاءُ رَحْمَةً لَدُنْيَّةٍ خافِيَةٍ عَنْ أبْصارِ المُتَمَسِّكِينَ بِالأسْبابِ العادِيَّةِ اسْتِجابَةً لِدَعْوَتِهِمْ ﴿فِي الكَهْفِ﴾ ظَرْفُ مَكانٍ لِضَرَبْنا ﴿سِنِينَ﴾ ظَرْفُ زَمانٍ لَهُ بِاعْتِبارِ بَقائِهِ لا ابْتِدائِهِ. ﴿عَدَدًا﴾ أيْ: ذَواتِ عَدَدٍ، أوْ تُعَدُّ عَدَدًا. عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ، أوْ مَعْدُودَةً عَلى أنَّهُ بِمَعْنى المَفْعُولِ، ووَصْفُ السِّنِينَ بِذَلِكَ؛ إمّا لِلتَّكْثِيرِ، وهو الأنْسَبُ بِإظْهارِ كَمالِ القُدْرَةِ. أوْ لِلتَّقْلِيلِ، وهو الألْيَقُ بِمَقامِ إنْكارِ كَوْنِ القِصَّةِ عَجَبًا مِن بَيْنِ سائِرِ الآياتِ العَجِيبَةِ فَإنَّ مُدَّةَ لُبْثِهِمْ كَبَعْضِ يَوْمٍ عِنْدَهُ عَزَّ وجَلَّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب