الباحث القرآني

﴿وَلا تَقْرَبُوا مالَ اليَتِيمِ﴾ نَهْيٌ عَنْ قُرْبانِهِ لِما ذُكِرَ مِنَ المُبالَغَةِ في النَّهْيِ (p-171)عَنِ التَّعَرُّضِ لَهُ، ومِن إفْضاءِ ذَلِكَ إلَيْهِ، ولِلتَّوَسُّلِ إلى الِاسْتِثْناءِ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إلا بِالَّتِي هي أحْسَنُ﴾ أيْ: إلّا بِالخَصْلَةِ، والطَّرِيقَةِ الَّتِي هي أحْسَنُ الخِصالِ والطَّرائِقِ، وهي حِفْظُهُ واسْتِثْمارُهُ. ﴿حَتّى يَبْلُغَ أشُدَّهُ﴾ غايَةٌ لِجَوازِ التَّصَرُّفِ عَلى الوَجْهِ الأحْسَنِ المَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالِاسْتِثْناءِ لا لِلْوَجْهِ المَذْكُورِ فَقَطْ. ﴿وَأوْفُوا بِالعَهْدِ﴾ سَواءٌ جَرى بَيْنَكم وبَيْنَ رَبِّكُمْ، أوْ بَيْنَكم وبَيْنَ غَيْرِكم مِنَ النّاسِ. والإيفاءُ بِالعَهْدِ، والوَفاءُ بِهِ، هو القِيامُ بِمُقْتَضاهُ، والمُحافَظَةُ عَلَيْهِ، ولا يَكادُ يُسْتَعْمَلُ إلّا بِالباءِ فَرْقًا بَيْنَهُ وبَيْنَ الإيفاءِ الحِسِّيِّ، كَإيفاءِ الكَيْلِ والوَزْنِ. ﴿إنَّ العَهْدَ﴾ أُظْهِرَ في مَقامِ الإضْمارِ إظْهارًا لِكَمالِ العِنايَةِ بِشَأْنِهِ، أوْ لِأنَّ المُرادَ مُطْلَقُ العَهْدِ المُنْتَظِمِ لِلْعَهْدِ المَعْهُودِ. ﴿كانَ مَسْؤُولا﴾ أيْ: مَسْؤُولًا عَنْهُ عَلى حَذْفِ الجارِّ، وجَعْلِ الضَّمِيرِ بَعْدَ انْقِلابِهِ مَرْفُوعًا مُسْتَكِنًا في اسْمِ المَفْعُولِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ أيْ: مَشْهُودٌ فِيهِ، ونَظِيرُهُ ما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿تِلْكَ آياتُ الكِتابِ الحَكِيمِ﴾ عَلى أنَّ أصْلَهُ الحَكِيمُ قائِلُهُ، فَحُذِفَ المُضافُ، وجُعِلَ الضَّمِيرُ مُسْتَكِنًا في الحَكِيمِ بَعْدَ انْقِلابِهِ مَرْفُوعًا، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ تَخْيِيلًا، كَأنَّهُ يُقالُ لِلْعَهْدِ: لَمْ نُكِثْتَ، وهَلّا وُفِّيَ بِكَ تَبْكِيتًا لِلنّاكِثِ، كَما يُقالُ لِلْمَوْءُودَةِ: ﴿بِأيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب