الباحث القرآني

﴿كُلا﴾ التَّنْوِينُ عِوَضٌ عَنِ المُضافِ إلَيْهِ، أيْ: كُلُّ واحِدٍ مِنَ الفَرِيقَيْنِ لا الفَرِيقُ الأخِيرُ المُرِيدُ لِلْخَيْرِ الحَقِيقُ بِالإسْعافِ فَقَطْ. ﴿نُمِدُّ﴾ أيْ: نَزِيدُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ بِحَيْثُ يَكُونُ الآنِفُ مَدَدًا لِلسّالِفِ، وما بِهِ الإمْدادُ ما عُجِّلَ لِأحَدِهِما مِنَ العَطايا العاجِلَةِ، وما أُعِدَّ لِلْآخَرِ مِنَ العَطايا الآجِلَةِ المُشارِ إلَيْها بِمَشْكُورِيَّةِ السَّعْيِ، وإنَّما لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ تَعْوِيلًا عَلى ما سَبَقَ تَصْرِيحًا وتَلْوِيحًا واتِّكالًا عَلى ما لَحِقَ عِبارَةً، وإشارَةً كَما سَتَقِفُ عَلَيْهِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿هَؤُلاءِ﴾ بَدَلٌ مِن كُلًّا ﴿وَهَؤُلاءِ﴾ عَطْفٌ عَلَيْهِ، أيْ: نُمِدُّ هَؤُلاءِ المُعَجَّلَ لَهُمْ، وهَؤُلاءِ المَشْكُورَ سَعْيُهُمْ، فَإنَّ الإشارَةَ مُتَعَرِّضَةٌ لِذاتِ المُشارِ إلَيْهِ بِما لَهُ مِنَ العُنْوانِ، لا لِلذّاتِ فَقَطْ، كالإضْمارِ فَفِيهِ تَذْكِيرٌ لِما بِهِ الإمْدادُ، وتَعْيِينُ المُضافِ إلَيْهِ المَحْذُوفِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ كَوْنِهِ أفْرادَ الفَرِيقِ الأخِيرِ، وتَأْكِيدًا لِلْقَصْرِ المُسْتَفادِ مِن تَقْدِيمِ (p-165)المَفْعُولِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِن عَطاءِ رَبِّكَ﴾ أيْ: مِن مُعْطاهُ الواسِعِ الَّذِي لا تَناهِيَ لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِنُمِدُّ، ومُغْنٍ عَنْ ذِكْرِ ما بِهِ الإمْدادُ، ومُنَبِّهٌ عَلى أنَّ الإمْدادَ المَذْكُورَ لَيْسَ بِطَرِيقِ الِاسْتِيجابِ بِالسَّعْيِ والعَمَلِ بَلْ بِمَحْضِ التَّفَضُّلِ. ﴿وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ﴾ أيْ: دُنْيُوِيًّا كانَ، أوْ أُخْرَوِيًّا، وإنَّما أُظْهِرَ إظْهارًا لِمَزِيدِ الِاعْتِناءِ بِشَأْنِهِ، وإشْعارًا بِعِلِّيَّتِهِ لِلْحُكْمِ. ﴿مَحْظُورًا﴾ مَمْنُوعًا مِمَّنْ يُرِيدُهُ، بَلْ هو فائِضٌ عَلى مَن قُدِّرَ لَهُ بِمُوجِبِ المَشِيئَةِ المَبْنِيَّةِ عَلى الحِكْمَةِ، وإنْ وُجِدَ مِنهُ ما يَقْتَضِي الحَظْرَ كالكافِرِ، وهو في مَعْنى التَّعْلِيلِ لِشُمُولِ الإمْدادِ لِلْفَرِيقَيْنِ، والتَّعَرُّضُ لِعُنْوانِ الربوبية في المَوْضِعَيْنِ لِلْإشْعارِ بِمَبْدَئِيَّتِها لِما ذُكِرَ مِنَ الإمْدادِ، وعَدَمِ الحَظْرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب