الباحث القرآني

﴿والأنْعامَ﴾ وهي الأزْواجُ الثَّمانِيَةُ مِنَ الإبِلِ، والبَقَرِ، والضَّأْنِ، والمَعْزِ. وانْتِصابُهُ بِمُضْمَرٍ يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿خَلَقَها﴾ أوْ بِالعَطْفِ عَلى الإنْسانِ، وما بَعْدَهُ بَيانُ ما خُلِقَ لِأجْلِهِ، والَّذِي بَعْدَهُ تَفْصِيلٌ لِذَلِكَ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَكُمْ﴾ إمّا مُتَعَلِّقٌ بِخَلَقَها، وقَوْلُهُ: ﴿فِيها﴾ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وقَوْلُهُ: ﴿دِفْءٌ﴾ مُبْتَدَأٌ، وهو ما يُدَفَّأُ بِهِ فَيَقِي مِنَ البَرْدِ. والجُمْلَةُ حالٌ مِنَ المَفْعُولِ. أوِ (p-97)الظَّرْفِ الأوَّلِ خَبَرٌ لِلْمُبْتَدَأِ المَذْكُورِ، وفِيها حالٌ مِن دِفْءٍ، إذْ لَوْ تَأخَّرَ لَكانَ صِفَةً، ﴿وَمَنافِعُ﴾ هي دَرُّها، ورُكُوبُها، وحَمْلُها، والحِراثَةُ بِها، وغَيْرُ ذَلِكَ. وإنَّما عَبَّرَ عَنْها بِها لِيَتَناوَلَ الكُلَّ مَعَ أنَّهُ الأنْسَبُ بِمَقامِ الِامْتِنانِ بِالنِّعَمِ، وتَقْدِيمُ الدِّفْءِ عَلى المَنافِعِ لِرِعايَةِ أُسْلُوبِ التَّرَقِّي إلى الأعْلى، ﴿وَمِنها تَأْكُلُونَ﴾ أيْ: تَأْكُلُونَ ما يُؤْكَلُ مِنها مِنَ اللُّحُومِ، والشُّحُومِ، وغَيْرِ ذَلِكَ، وتَغْيِيرُ النَّظْمِ لِلْإيماءِ إلى أنَّها لا تَبْقى عِنْدَ الأكْلِ، كَما في السّابِقِ واللّاحِقِ، فَإنَّ الدِّفْءَ، والمَنافِعَ، والجَمالَ، يَحْصُلُ مِنها وهي باقِيَةٌ عَلى حالِها، ولِذَلِكَ جُعِلَتْ مَحالَّ لَها بِخِلافِ الأكْلِ، وتَقْدِيمُ الظَّرْفِ لِلْإيذانِ بِأنَّ الأكْلَ مِنها هو المُعْتادُ المُعْتَمِدُ في المَعاشِ، لِأنَّ الأكْلَ مِمّا عَداها مِنَ الدَّجاجِ، والبَطِّ، وصَيْدِ البَرِّ والبَحْرِ مِن قَبِيلِ التَّفَكُّهِ. مَعَ أنَّ فِيهِ مُراعاةً لِلْفَواصِلِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مَعْنى الأكْلِ مِنها أكْلَ ما يَحْصُلُ بِسَبَبِها، فَإنَّ الحُبُوبَ والثِّمارَ المَأْكُولَةَ تُكْتَسَبُ بِإكْراءِ الإبِلِ، وبِإثْمارِ نِتاجِها، وألْبانِها وجُلُودِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب