الباحث القرآني
(p-112)﴿وَقالَ الَّذِينَ أشْرَكُوا﴾ أيْ: أهْلُ مَكَّةَ. وهو بَيانٌ لِفَنٍ آخَرَ مِن كُفْرِهِمْ، والعُدُولُ عَنِ الإضْمارِ إلى المَوْصُولِ لِتَقْرِيعِهِمْ بِما في حَيِّزِ الصِّلَةِ، وذَمِّهِمْ بِذَلِكَ مِن أوَّلِ الأمْرِ.
﴿لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ﴾ أيْ: لَوْ شاءَ عَدَمَ عِبادَتِنا لِشَيْءٍ غَيْرِهِ، كَما تَقُولُ: لَما عَبَدْنا ذَلِكَ ﴿نَحْنُ ولا آباؤُنا﴾ الَّذِي نَقْتَدِي بِهِمْ في دِينِنا ﴿وَلا حَرَّمْنا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ﴾ مِنَ السَّوائِبِ والبَحائِرِ وغَيْرِها، وإنَّما قالُوا ذَلِكَ تَكْذِيبًا لِلرَّسُولِ ﷺ، وطَعْنًا في الرِّسالَةِ رَأْسًا مُتَمَسِّكِينَ بِأنَّ ما شاءَ اللَّهُ تَعالى يَجِبُ، وما لَمْ يَشَأْ يَمْتَنِعُ. فَلَوْ أنَّهُ شاءَ أنْ نُوَحِّدَهُ ولا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، ولا نُحَرِّمَ مِمّا حَرَّمْنا شَيْئًا، كَما يَقُولُ الرُّسُلُ، ويَنْقُلُونَهُ مِن جِهَةِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ لَكانَ الأمْرُ كَما شاءَ مِنَ التَّوْحِيدِ، ونَفْيِ الإشْراكِ، وما يَتْبَعُهُما. وحَيْثُ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ثَبَتَ أنَّهُ لَمْ يَشَأْ شَيْئًا مِن ذَلِكَ، وإنَّما يَقُولُهُ الرُّسُلُ مِن تِلْقاءِ أنْفُسِهِمْ، فَأُجِيبَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿كَذَلِكَ﴾ أيْ: مِثْلُ ذَلِكَ الفِعْلِ الشَّنِيعِ ﴿فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ مِنَ الأُمَمِ، أيْ: أشْرَكُوا بِاللَّهِ، وحَرَّمُوا حِلَّهُ، ورَدُّوا رُسُلَهُ، وجادَلُوهم بِالباطِلِ حِينَ نَبَّهُوهم عَلى الخَطَأِ، وهَدَوْهم إلى الحَقِّ.
﴿فَهَلْ عَلى الرُّسُلِ﴾ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ، وعَزائِمَ أمْرِهِ ونَهْيِهِ ﴿إلا البَلاغُ المُبِينُ﴾ أيْ: لَيْسَتْ وظِيفَتُهم إلّا تَبْلِيغَ الرِّسالَةِ تَبْلِيغًا واضِحًا، أوْ مُوَضَّحًا. وإبانَةَ طَرِيقِ الحَقِّ، وإظْهارَ أحْكامِ الوَحْيِ الَّذِي مِن جُمْلَتِها تَحَتُّمُ تَعَلُّقِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعالى بِاهْتِداءِ مَن صَرَفَ قدرته، واخْتِبارَهُ إلى تَحْصِيلِ الحَقِّ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿والَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهم سُبُلَنا﴾ وأمّا إلْجاؤُهم إلى ذَلِكَ، وتَنْفِيذُ قَوْلِهِمْ عَلَيْهِمْ شاءُوا، أوْ أبَوْا، كَما هو مُقْتَضى اسْتِدْلالِهِمْ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِن وظِيفَتِهِمْ، ولا مِنَ الحِكْمَةِ الَّتِي عَلْيَها يَدُورُ أمْرُ التَّكْلِيفِ في شَيْءٍ، حَتّى يُسْتَدَلَ بِعَدَمِ ظُهُورِ آثارِهِ عَلى عَدَمِ حَقِيقَةِ الرُّسُلِ، أوْ عَلى عَدَمِ تَعَلُّقِ مَشِيئَتِهِ تَعالى بِذَلِكَ، فَإنَّ ما يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوابُ والعِقابُ مِن أفْعالِ العِبادِ لا بُدَّ في تَعَلُّقِ مَشِيئَتِهِ تَعالى بِذَلِكَ، فَإنَّ ما يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوابُ والعِقابُ مِن أفْعالِ العِبادِ لا بُدَّ في تَعَلُّقِ مَشِيئَتِهِ تَعالى بِوُقُوعِهِ مِن مُباشَرَتِهِمُ الِاخْتِيارِيَّةِ لَهُ، وصَرْفِ اخْتِيارِهِمُ الجُزْئِيِّ إلى تَحْصِيلِهِ، وإلّا لَكانَ الثَّوابُ والعِقابُ اضْطِرارِيِّينَ فَـ "الفاءُ" لِلتَّعْلِيلِ، كَأنَّهُ قِيلَ: كَذَلِكَ فَعَلَ أسْلافُهم. وذَلِكَ باطِلٌ، فَإنَّ الرُّسُلَ لَيْسَ شَأْنُهم إلّا تَبْلِيغَ أوامِرِ اللَّهِ تَعالى، ونَواهِيهِ لا تَحْقِيقَ مَضْمُونِهِما، وإجْراءَ مُوجِبِهِما عَلى النّاسِ قَسْرًا وإلْجاءً، وإيرادُ كَلِمَةِ عَلى لِلْإيذانِ بِأنَّهم في ذَلِكَ مَأْمُورُونَ، أوْ بِأنَّ ما يُبَلِّغُونَهُ حَقٌّ لِلنّاسِ عَلَيْهِمْ إيفاؤُهُ، وبِهَذا ظَهَرَ أنَّ حَمْلَ قَوْلِهِمْ: ﴿لَوْ شاءَ اللَّهُ﴾ ... إلَخْ. عَلى الِاسْتِهْزاءِ لا يُلائِمُ الجَوابَ، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ بِالصَّوابِ.
{"ayah":"وَقَالَ ٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوا۟ لَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَیۡءࣲ نَّحۡنُ وَلَاۤ ءَابَاۤؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَیۡءࣲۚ كَذَ ٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ فَهَلۡ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلۡبَلَـٰغُ ٱلۡمُبِینُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق