الباحث القرآني

﴿وَقالُوا﴾ شُرُوعٌ في بَيانِ كُفْرِهِمْ بِمَن أُنْزِلَ عَلَيْهِ الكِتابُ بَعْدَ بَيانِ كُفْرِهِمْ بِالكِتابِ، وما يَئُولُ إلَيْهِ حالُهُمْ، والقائِلُونَ مُشْرِكُو مَكَّةَ لِغايَةِ تَمادِيهِمْ في العُتُوِّ، والغَيِّ ﴿يا أيُّها الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ﴾ خاطَبُوا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لا تَسْلِيمًا لِذَلِكَ، واعْتِقادًا لَهُ، بَلِ اسْتِهْزاءً بِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وإشْعارًا بِعِلَّةِ حُكْمِهِمُ الباطِلِ في قَوْلِهِمْ: ﴿إنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ كَدَأْبِ فِرْعَوْنَ إذْ قالَ: ﴿إنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إلَيْكم لَمَجْنُونٌ﴾ يَعْنُونُ: يا مَن يَدَّعِي مِثْلَ هَذا الأمْرِ البَدِيعِ، الخارِقِ لِلْعاداتِ إنَّكَ بِسَبَبِ تِلْكَ الدَّعْوى، أوْ بِشَهادَةِ ما يَعْتَرِيكَ عِنْدَ ما تَدَّعِي أنَّهُ يَنْزِلُ عَلَيْكَ لَمَجْنُونٌ. (p-67)وَتَقْدِيمُ الجارِّ والمَجْرُورِ عَلى القائِمِ مَقامَ الفاعِلِ؛ لِأنَّ إنْكارَهم مُتَوَجِّهٌ إلى كَوْنِ النّازِلِ ذِكْرًا مِنَ اللَّهِ تَعالى، لا إلى كَوْنِ المُنَزَّلِ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ تَسْلِيمِ كَوْنِ النّازِلِ مِنهُ تَعالى، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَوْلا نُزِّلَ هَذا القرآن عَلى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ فَإنَّ الإنْكارَ هُناكَ مُتَوَجِّهٌ إلى كَوْنِ المُنَزَّلِ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ تَعالى، وإيرادُ الفِعْلِ عَلى صِيغَةِ المَجْهُولِ لِإيهامِ أنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِفِعْلٍ لَهُ فاعِلٌ، أوْ لِتَوْجِيهِ الإنْكارِ إلى كَوْنِ التَّنْزِيلِ عَلَيْهِ لا إلى اسْتِنادِهِ إلى الفاعِلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب