الباحث القرآني

﴿قالَ رَبِّ بِما أغْوَيْتَنِي﴾ الباءُ لِلْقَسَمِ، وما مَصْدَرِيَّةٌ، والجَوابُ ﴿لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ﴾ أيْ: أُقْسِمُ بِإغْوائِكَ إيّايَ لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمُ المَعاصِيَ، ﴿فِي الأرْضِ﴾ أيْ: في الدُّنْيا الَّتِي هي دارُ الغُرُورِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أخْلَدَ إلى الأرْضِ﴾ وإقْسامُهُ بِعِزَّةِ اللَّهِ المُفَسَّرَةِ بِسُلْطانِهِ، وقَهْرِهِ لا يُنافِي إقْسامَهُ بِهَذا، فَإنَّهُ فَرْعٌ مِن فُرُوعِها، وأثَرٌ مِن آثارِها. فَلَعَلَّهُ أقْسَمَ بِهِما جَمِيعًا فَحَكى تارَةً فَسَمَهُ بِهَذا، وأُخْرى بِذاكَ. أوْ لِلسَّبَبِيَّةِ. وقَوْلُهُ: "لَأُزَيِّنَنَّ" جَوابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ، والمَعْنى: بِسَبَبِ تَسَبُّبِكَ لِإغْوائِي، أقْسَمَ لَأفْعَلَنَّ بِهِمْ مِثْلَ ما فَعَلْتَ بِي مِنَ التَّسَبُّبِ لِإغْوائِهِمْ: بِتَزْيِينِ المَعاصِي، وتَسْوِيلِ الأباطِيلِ. والمُعْتَزِلَةُ أوَّلُوا الإغْواءَ بِالنِّسْبَةِ إلى الغَيِّ، أوِ التَّسَبُّبِ لَهُ بِأمْرِهِ إيّاهُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، واعْتَذَرُوا عَنْ إمْهالِ اللَّهِ تَعالى، وتَسْلِيطِهِ لَهُ عَلى إغْواءِ بَنِي آدَمَ بِأنَّهُ تَعالى قَدْ عَلِمَ مِنهُ ومِمَّنْ تَبِعَهُ، أنَّهم يَمُوتُونَ عَلى الكُفْرِ، ويَصِيرُونَ إلى النّارِ أُمْهِلَ، أمْ لَمْ يُمْهَلْ. وأنَّ في إمْهالِهِ تَعْرِيضًا لِمَن خالَفَهُ لِاسْتِحْقاقِ مَزِيدِ الثَّوابِ ﴿وَلأُغْوِيَنَّهم أجْمَعِينَ﴾ لَأحْمِلَنَّهم عَلى الغَوايَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب