الباحث القرآني
﴿وَلَقَدْ أرْسَلْنا مُوسى﴾ شُرُوعٌ في تَفْصِيلِ ما أُجْمِلَ في قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَما أرْسَلْنا مِن رَسُولٍ إلا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ الآيَةَ.
﴿بِآياتِنا﴾ أيْ: مُلْتَبِسًا بِها. وهي مُعْجِزاتُهُ الَّتِي أظْهَرَها لِبَنِي إسْرائِيلَ.
﴿أنْ أخْرِجْ قَوْمَكَ﴾ بِمَعْنى: أيْ أخْرِجْ لِأنَّ الإرْسالَ فِيهِ مَعْنى القَوْلِ، أوْ بِأنْ أخْرِجْ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَأنْ أقِمْ وجْهَكَ﴾ فَإنَّ صِيَغَ الأفْعالِ في الدَّلالَةِ عَلى المَصْدَرِ سَواءٌ، وهو المَدارُ في صِحَّةِ الوَصْلِ. والمُرادُ بِذَلِكَ: إخْراجُ بَنِي إسْرائِيلَ بَعْدَ مَهْلِكِ فِرْعَوْنَ ﴿مِنَ الظُّلُماتِ﴾ مِنَ الكُفْرِ، والجَهالاتِ الَّتِي أدَّتْهم إلى أنْ يَقُولُوا: يا مُوسى اجْعَلْ لَنا إلَهًا، كَما لَهم آلِهَةً.
﴿إلى النُّورِ﴾ إلى الإيمان باللَّهِ، وتَوْحِيدِهِ، وسائِرِ ما أُمِرُوا بِهِ.
﴿وَذَكِّرْهم بِأيّامِ اللَّهِ﴾ أيْ: بِنَعْمائِهِ، وبَلائِهِ. كَما يُنْبِئُ عَنْهُ قَوْلُهُ: " ﴿اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ " لَكِنْ لا بِما جَرى عَلَيْهِمْ فَقَطْ، بَلْ عَلَيْهِمْ وعَلى مَن قَبْلَهم مِنَ الأُمَمِ في الأيّامِ الخالِيَةِ، حَسْبَما يُنْبِئُ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألَمْ يَأْتِكم نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ الآياتِ، أوْ بِأيّامِهِ المُنْطَوِيَةِ عَلى ذَلِكَ. كَما يُلَوِّحُ بِهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذْ أنْجاكُمْ﴾ والِالتِفاتُ مِنَ التَّكَلُّمِ إلى الغَيْبَةِ بِإضافَةِ الأيّامِ إلى الِاسْمِ الجَلِيلِ، لِلْإيذانِ بِفَخامَةِ شَأْنِها، والإشْعارِ بِعَدَمِ اخْتِصاصِ ما فِيها مِنَ المُعامَلَةِ بِالمُخاطَبِ وقَوْمِهِ كَما تُوهِمُهُ الإضافَةُ إلى ضَمِيرِ المُتَكَلِّمِ، أيْ: عِظْهم بِالتَّرْغِيبِ، والتَّرْهِيبِ، والوَعْدِ، والوَعِيدِ. وقِيلَ: أيّامُ اللَّهِ: وقائِعُهُ الَّتِي وقَعَتْ عَلى الأُمَمِ قَبْلَهُمْ، وأيّامُ العَرَبِ: وقائِعُها، وحُرُوبُها، ومَلاحِمُها. أيْ: أنْذِرْهم وقائِعَهُ الَّتِي دَهَمَتِ الأُمَمَ الدّارِجَةَ، ويَرُدُّهُ ما تَصَدّى لَهُ ﷺ بِصَدَدِ الِامْتِثالِ مِنَ التَّذْكِيرِ بِكُلٍّ مِنَ السَّرّاءِ، والضَّرّاءِ مِمّا جَرى عَلَيْهِمْ وعَلى غَيْرِهِمْ حَسْبَما يُتْلى عَلَيْكَ.
﴿إنَّ في ذَلِكَ﴾ أيْ: في التَّذْكِيرِ بِها، أوْ في مَجْمُوعِ تِلْكَ النَّعْماءِ، والبَلاءِ، أوْ في أيّامِها.
﴿لآياتٍ﴾ عَظِيمَةً، أوْ كَثِيرَةً دالَّةً عَلى وحْدانِيَّةِ اللَّهِ تَعالى، وقدرته، وعِلْمِهِ، وحِكْمَتِهِ. فَهي عَلى الأوَّلِ عِبارَةٌ عَنِ الأيّامِ سَواءٌ أُرِيدَ بِها أنْفُسُها، أوْ ما فِيها مِنَ النَّعْماءِ، والبَلاءِ. ومَعْنى ظَرْفِيَّةِ التَّذْكِيرِ لَها كَوْنُهُ مَناطًا لِظُهُورِها. وعَلى الثّالِثِ: عَنْ تِلْكَ النَّعْماءِ، والبَلاءِ. ومَعْنى الظَّرْفِيَّةِ ظاهِرٌ. وأمّا عَلى الثّانِي: وهو كَوْنُهُ إشارَةً إلى مَجْمُوعِ النَّعْماءِ، فَعَنْ كُلِّ واحِدَةٍ: مِن تِلْكَ النَّعْماءِ، والبَلاءِ، والمُشارُ إلَيْهِ المَجْمُوعُ المُشْتَمِلُ عَلَيْها مِن حَيْثُ هو مَجْمُوعٌ، أوْ كَلِمَةُ في تَجْرِيدِيَّةٌ، مِثْلُها في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَهم فِيها دارُ الخُلْدِ﴾ ﴿لِكُلِّ صَبّارٍ﴾ عَلى بَلائِهِ ﴿شَكُورٍ﴾ لِنَعْمائِهِ. وقِيلَ: لِكُلِّ مُؤْمِنٍ، والتَّعْبِيرُ عَنْهم بِذَلِكَ لِلْإشْعارِ بِأنَّ الصَّبْرَ والشُّكْرَ عُنْوانُ المُؤْمِنِ، أيْ: لِكُلِّ مَن يَلِيقُ بِكَمالِ الصَّبْرِ والشُّكْرِ، أوِ الإيمانِ، ويَصِيرُ أمْرُهُ إلَيْها، لا لِمَنِ اتَّصَفَ بِها بِالفِعْلِ لِأنَّهُ تَعْلِيلٌ لِلْأمْرِ بِالتَّذْكِيرِ المَذْكُورِ السّابِقِ، عَلى التَّذْكِيرِ المُؤَدِّي إلى تِلْكَ المَرْتَبَةِ، فَإنَّ مَن تَذَكَّرَ ما فاضَ، أوْ نَزَلَ عَلَيْهِ، أوْ عَلى مَن قَبْلَهُ مِنَ النَّعْماءِ، والبَلاءِ، وتَنَبَّهَ لِعاقِبَةِ الشُّكْرِ والصَّبْرِ، أوِ الإيمانِ لا يَكادُ يُفارِقُها، وتَخْصِيصُ الآياتِ بِهِمْ لِأنَّهُمُ المُنْتَفِعُونَ بِها لا لِأنَّها خافِيَةٌ (p-34)عَنْ غَيْرِهِمْ، فَإنَّ التَّبْيِينَ حاصِلٌ بِالنِّسْبَةِ إلى الكُلِّ، وتَقْدِيمُ الصَّبّارِ عَلى الشَّكُورِ لِتَقَدُّمِ مُتَعَلِّقِ الصَّبْرِ -أعْنِي البَلاءَ- عَلى مُتَعَلِّقِ الشُّكْرِ -أعْنِي النَّعْماءَ- وكَوْنُ الشُّكْرِ عاقِبَةَ الصَّبْرِ.
{"ayah":"وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔایَـٰتِنَاۤ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَیَّىٰمِ ٱللَّهِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّكُلِّ صَبَّارࣲ شَكُورࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











