الباحث القرآني

﴿رَبَّنا اغْفِرْ لِي﴾ أيْ: ما فَرَطَ مِنِّي مِن تَرْكِ الأوْلى في بابِ الدِّينِ، وغَيْرَ ذَلِكَ مِمّا لا يَسْلَمُ مِنهُ البَشَرُ. ﴿وَلِوالِدَيَّ﴾ وقُرِئَ: بِالتَّوْحِيدِ ولِأبَوِيَّ. وهَذا الِاسْتِغْفارُ مِنهُ عَلَيْهِ السَّلامُ إنَّما كانَ قَبْلَ تَبَيُّنِ الأمْرِ لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ. وقِيلَ: أرادَ بِوالِدَيْهِ آدَمَ وحَوّاءَ. وقِيلَ: بِشَرْطِ الإسْلامِ، ويَرُدُّهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلا قَوْلَ إبْراهِيمَ﴾ الآيَةَ. وقَدْ مَرَّ في سُورَةِ التَّوْبَةِ نَوْعُ تَحْقِيقٍ لِلْمَقامِ، وسَيَأْتِي تَمامُهُ في سُورَةِ مَرْيَمَ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعالى. ﴿وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ كافَّةً مِن ذُرِّيَّتِهِ وغَيْرِهِمْ. ولِلْإيذانِ بِاشْتِراكِ الكُلِّ في الدُّعاءِ بِالمَغْفِرَةِ؛ جِيءَ بِضَمِيرِ الجَماعَةِ. ﴿يَوْمَ يَقُومُ الحِسابُ﴾ أيْ: يَثْبُتُ، ويَتَحَقَّقُ مُحاسَبَةُ أعْمالِ المُكَلَّفِينَ عَلى وجْهِ العَدْلِ. اسْتُعِيرَ لَهُ مِن ثُبُوتِ القائِمِ عَلى الرِّجْلِ بِالِاسْتِقامَةِ، ومِنهُ قامَتِ الحَرْبُ عَلى ساقٍ، والمُرادُ: تَهْوِيلُهُ. وقِيلَ: أُسْنِدَ إلَيْهِ قِيامُ أهْلِهِ مَجازًا، أوْ حُذِفَ المُضافُ كَما فِي: واسْألِ القَرْيَةَ. واعْلَمْ أنَّ ما حُكِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنَ الأدْعِيَةِ والأذْكارِ، وما يَتَعَلَّقُ بِها لَيْسَ بِصادِرٍ عَنْهُ عَلى التَّرْتِيبِ المَحْكِيِّ، ولا عَلى وجْهِ المَعِيَّةِ، بَلْ صَدَرَ عَنْهُ في أزْمِنَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ حُكِيَ مُرَتَّبًا لِلدَّلالَةِ عَلى سُوءِ حالِ الكَفَرَةِ بَعْدَ ظُهُورِ أمْرِهِ في المِلَّةِ، وإرْشادِ النّاسِ إلَيْها، والتَّضَرُّعِ إلى اللَّهِ تَعالى لِمَصالِحِهِمُ الدِّينِيَّةِ والدُّنْيَوِيَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب