الباحث القرآني
﴿وَلَوْ أنَّ قُرْآنًا﴾ أيْ: قُرْآنًا ما وهو اسْمُ أنَّ، والخَبَرُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿سُيِّرَتْ بِهِ الجِبالُ﴾ وجَوابُ لَوْ مَحْذُوفٌ لِانْسِياقِ الكَلامِ إلَيْهِ، بِحَيْثُ يَتَلَقَّفُهُ السّامِعُ مِنَ التّالِي، والمَقْصُودُ إمّا بَيانُ عِظَمِ شَأْنِ القرآن العَظِيمِ، وفَسادُ رَأْيِ الكَفَرَةِ، حَيْثُ لَمْ يُقَدِّرُوا قَدْرَهُ العَلِيَّ، ولَمْ يَعُدُّوهُ مِن قَبِيلِ الآياتِ فاقْتَرَحُوا غَيْرَهُ، مِمّا أُوتِيَ مُوسى وعِيسى عَلَيْهِما السَّلامُ. وإمّا بَيانُ غُلُوِّهِمْ في المُكابَرَةِ، والعِنادِ، وتَمادِيهِمْ في الضَّلالِ والفَسادِ. فالمَعْنى: عَلى الأوَّلِ لَوْ أنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الجِبالُ، أيْ: بِإنْزالِهِ، أوْ بِتِلاوَتِهِ عَلَيْها، وزُعْزِعَتْ عَنْ مَقارِّها، كَما فُعِلَ ذَلِكَ بِالطُّورِ لِمُوسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ.
﴿أوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأرْضُ﴾ أيْ: شُقِّقَتْ وجُعِلَتْ أنْهارًا وعُيُونًا كَما فُعِلَ بِالحَجَرِ حِينَ ضَرَبَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِعَصاهُ، أوْ جُعِلَتْ قِطَعًا مُتَصَدِّعَةً ﴿أوْ كُلِّمَ بِهِ المَوْتى﴾ أيْ: بَعْدَ أنْ (p-22)أُحْيِيَ بِقِراءَتِهِ عَلَيْها كَما أحْيِيَتْ لِعِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ، لَكانَ ذَلِكَ هَذا القرآن لِكَوْنِهِ الغايَةَ القُصْوى في الِانْطِواءِ عَلى عَجائِبِ آثارِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى، وهَيْبَتِهِ عَزَّ وجَلَّ. كَقَوْلِهِ تَعالى: " ﴿لَوْ أنْزَلْنا هَذا القرآن عَلى جَبَلٍ لَرَأيْتَهُ خاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِن خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ " لا في الإعْجازِ إذْ لا مَدْخَلَ لَهُ في هَذِهِ الآثارِ، ولا في التَّذْكِيرِ، والإنْذارِ، والتَّخْوِيفِ لِاخْتِصاصِها بِالعُقَلاءِ. مَعَ أنَّهُ لا عَلاقَةَ لَها بِتَكْلِيمِ المَوْتى، واعْتِبارُ فَيْضِ العُقُولِ إلَيْها مُخِلٌّ بِالمُبالَغَةِ المَقْصُودَةِ. وتَقْدِيمُ المَجْرُورِ في المَواضِعِ الثَّلاثَةِ عَلى المَرْفُوعِ لِما مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ مِن قَصْدِ الإبْهامِ، ثُمَّ التَّفْسِيرِ لِزِيادَةِ التَّقْرِيرِ، لِأنَّ بِتَقْدِيمِ ما حَقُّهُ التَّأْخِيرُ تَبْقى النَّفْسُ مُسْتَشْرِفَةً، ومُتَرَقِّبَةً إلى المُؤَخَّرِ، أنَّهُ ماذا فَيَتَمَكَّنُ عِنْدَ وُرُودِهِ عَلَيْها فَضْلَ تَمَكُّنٍ، وكَلِمَةُ "أوْ" في المَوْضِعَيْنِ لِمَنعِ الخُلُوِّ لا لِمَنعِ الجَمْعِ. واقْتِراحُهم وإنْ كانَ مُتَعَلِّقًا بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ مِثْلِ هَذِهِ الأفاعِيلِ العَجِيبَةِ عَلى يَدِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، لا بِظُهُورِها بِواسِطَةِ القرآن، لَكِنَّ ذَلِكَ حَيْثُ كانَ مَبْنِيًّا عَلى عَدَمِ اشْتِمالِهِ في زَعْمِهِمْ عَلى الخَوارِقِ نِيطَ ظُهُورُها بِهِ مُبالَغَةً في بَيانِ اشْتِمالِهِ عَلَيْها، وأنَّهُ حَقِيقٌ بِأنْ يَكُونَ مَصْدَرًا لِكُلِّ خارِقٍ، وإبانَةً لِرَكاكَةِ رَأْيِهِمْ في شَأْنِهِ الرَّفِيعِ، كَأنَّهُ قِيلَ: لَوْ أنَّ ظُهُورَ أمْثالِ ما اقْتَرَحُوهُ مِن مُقْتَضَياتِ الحِكْمَةِ، لَكانَ مَظْهَرُها هَذا القرآن الَّذِي لَمْ يُعِدُّوهُ آيَةً، وفِيهِ مِن تَفْخِيمِ شَأْنِهِ العَزِيزِ، ووَصْفِهِمْ بِرَكاكَةِ العَقْلِ ما لا يَخْفى ﴿بَلْ لِلَّهِ الأمْرُ جَمِيعًا﴾ أيْ: لَهُ الأمْرُ الَّذِي عَلَيْهِ يَدُورُ فَلَكُ الأكْوانِ وُجُودًا وعَدَمًا. يَفْعَلُ ما يَشاءُ، ويَحْكُمُ ما يُرِيدُ لِما يَدْعُو إلَيْهِ مِنَ الحِكَمِ البالِغَةِ، وهو إضْرابٌ عَمّا تَضَمَّنَهُ الشَّرْطِيَّةُ مِن مَعْنى النَّفْيِ، لا بِحَسْبِ مَنطُوقِهِ، بَلْ بِاعْتِبارِ مُوجِبِهِ ومُؤَدّاهُ، أيْ: لَوْ أنَّ قُرْآنًا فُعِلَ بِهِ ما ذُكِرَ لَكانَ ذَلِكَ هَذا القرآن، ولَكِنْ لَمْ يُفْعَلْ، بَلْ فُعِلَ ما عَلَيْهِ الشَّأْنُ الآنَ، لِأنَّ الأمْرَ كُلَّهُ لَهُ وحْدَهُ، فالإضْرابُ لَيْسَ بِمُتَوَجِّهٍ إلى كَوْنِ الأمْرِ لِلَّهِ سُبْحانَهُ، بَلْ إلى ما يُؤَدِّي إلَيْهِ ذَلِكَ، مِن كَوْنِ الشَّأْنِ عَلى ما كانَ لِما تَقْتَضِيهِ الحِكْمَةُ مِن بِناءِ التَّكْلِيفِ عَلى الِاخْتِبارِ.
﴿أفَلَمْ يَيْأسِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أيْ: أفَلَمْ يَعْلَمُوا عَلى لُغَةِ هَوازِنَ، أوْ قَوْمٍ مِنَ النَّخَعِ، أوْ عَلى اسْتِعْمالِ اليَأْسِ في مَعْنى العِلْمِ، لِتُضَمُّنِهِ لَهُ، ويُؤَيِّدُهُ قِراءَةُ عَلِيٍّ، وابْنُ عَبّاسٍ، وجَماعَةٍ مِنَ الصَّحابَةِ، والتّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم. أفَلَمْ يَتَبَيَّنْ بِطَرِيقِ التَّفْسِيرِ، والفاءُ لِلْعَطْفِ عَلى مُقَدَّرٍ، أيْ: أغْفَلُوا عَنْ كَوْنِ الأمْرِ جَمِيعًا لِلَّهِ تَعالى فَلَمْ يَعْلَمُوا ﴿أنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ﴾ عَلى حَذْفِ ضَمِيرِ الشَّأْنِ، وتَخْفِيفِ أنْ ﴿لَهَدى النّاسَ جَمِيعًا﴾ بِإظْهارِ أمْثالِ تِلْكَ الآثارِ العَظِيمَةِ، فالإنْكارُ مُتَوَجِّهٌ إلى المَعْطُوفَيْنِ جَمِيعًا، أوِ اعْلَمُوا كَوْنَ الأمْرِ جَمِيعًا لِلَّهِ فَلَمْ يَعْلَمُوا ما يُوجِبُهُ ذَلِكَ العِلْمُ، مِمّا ذَكَرَ فَهو مُتَوَجِّهٌ إلى تَرَتُّبِ المَعْطُوفِ عَلى المَعْطُوفِ عَلَيْهِ. أيْ: تَخَلَّفَ العِلْمُ الثّانِي عَنِ العِلْمِ الأوَّلِ. وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ: فالإنْكارُ إنْكارُ الوُقُوعِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: " ﴿ألَمْ يَعِدْكم رَبُّكم وعْدًا حَسَنًا﴾ " لا إنْكارَ الواقِعِ كَما في قَوْلِكَ: ألَمْ تَخَفِ اللَّهَ حَتّى عَصَيْتَهُ، ثُمَّ إنَّ مَناطَ الإنْكارِ لَيْسَ عَدَمَ عِلْمِهِمْ بِمَضْمُونِ الشَّرْطِيَّةِ فَقَطْ، بَلْ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِمْ بِعَدَمِ تَحَقُّقِ مُقَدَّمِها، كَأنَّهُ قِيلَ: ألَمْ يَعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ تَعالى لَوْ شاءَ هِدايَتَهم لَهَداهُمْ، وأنَّهُ لَمْ يَشَأْها، وذَلِكَ لِأنَّهم كانُوا يَوَدُّونَ أنْ يَظْهَرَ ما اقْتَرَحُوا مِنَ الآياتِ لِيَجْتَمِعُوا عَلى الإيمانِ. وعَلى الثّانِي لَوْ أنَّ قُرْآنًا فُعِلَ بِهِ ما فُصِّلَ مِنَ التَّعاجِيبِ لَما آمَنُوا بِهِ. كَقَوْلِهِ تَعالى: " ﴿وَلَوْ أنَّنا نَزَّلْنا إلَيْهِمُ المَلائِكَةَ وكَلَّمَهُمُ المَوْتى﴾ " الآيَةَ فالإضْرابُ حِينَئِذٍ مُتَوَجِّهٌ إلى ما سَلَفَ مِنِ اقْتِراحِهِمْ مَعَ كَوْنِهِمْ في العِنادِ عَلى ما شُرِحَ، أيْ: فَلَيْسَ لَهم ذَلِكَ، بَلْ لِلَّهِ الأمْرُ جَمِيعًا إنْ شاءَ أتى بِما اقْتَرَحُوا، وإنْ شاءَ لَمْ يَأْتِ بِهِ حَسْبَما تَسْتَدْعِيهِ داعِيَةُ الحِكْمَةِ مِن غَيْرِ أنْ يَكُونَ لِأحَدٍ عَلَيْهِ تَحَكُّمٌ، أوِ اقْتِراحٌ، واليَأْسُ بِمَعْنى: القُنُوطِ، أيْ: ألَمْ يَعْلَمِ الَّذِينَ آمَنُوا حالَهم هَذِهِ فَلَمْ يَقْنَطُوا مِن إيمانِهِمْ حَتّى أحَبُّوا ظُهُورَ مُقْتَرَحاتِهِمْ، فالإنْكارُ مُتَوَجِّهٌ (p-23)إلى المَعْطُوفَيْنِ، أوْ واعْلَمُوا ذَلِكَ فَلَمْ يَقْنَطُوا مِن إيمانِهِمْ. فَهو مُتَوَجِّهٌ إلى وُقُوعِ المَعْطُوفِ بَعْدَ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ، أيْ: إلى تَخَلُّفِ القُنُوطِ عَنِ العِلْمِ المَذْكُورِ، والإنْكارُ عَلى التَّقْدِيرَيْنِ: إنْكارُ الواقِعِ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: " أفَلا تَتَّقُونَ " ونَظائِرِهِ لا إنْكارَ الوُقُوعِ، فَإنَّ عَدَمَ قُنُوطِهِمْ مِنهُ مِمّا لا مَرَدَّ لَهُ، وقَوْلُهُ تَعالى: " ﴿أنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ..﴾ " إلَخْ. مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، أيْ: أفَلَمْ يَيْأسُوا مِن إيمانِهِمْ عِلْمًا مِنهُمْ، أوْ عالِمِينَ بِأنَّهُ لَوْ يَشَأِ اللَّهُ لَهَدى النّاسَ جَمِيعًا، وأنَّهُ لَمْ يَشَأْ ذَلِكَ، أوْ بِآمَنُوا، أيْ: أفَلَمْ يَقْنَطِ الَّذِينَ آمَنُوا بِأنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدى النّاسَ جَمِيعًا، عَلى مَعْنى: أفَلَمْ يَيْأسْ مِن إيمانِهِمُ المُؤْمِنُونَ. بِمَضْمُونِ الشَّرْطِيَّةِ، وبِعَدَمِ تَحَقُّقِ مُقَدَّمِها المُنْفَهِمِ مِن مُكابَرَتِهِمْ، حَسْبَما تَحْكِيهِ كَلِمَةُ لَوْ، فالوَصْفُ المَذْكُورُ مِن دَواعِي إنْكارِ يَأْسِهِمْ. وقِيلَ: إنَّ أبا جَهْلٍ وأضْرابَهُ قالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: إنْ كُنْتَ نَبِيًّا سَيِّرْ بِقُرْآنِكَ الجِبالَ عَنْ مَكَّةَ حَتّى تَتَّسِعَ لَنا، ونَتَّخِذَ فِيها البَساتِينَ، والقَطائِعَ. وقَدْ سُخِّرَتْ لِداوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَلَسْتَ بِأهْوَنَ عَلى اللَّهِ مِنهُ إنْ كُنْتَ نَبِيًّا كَما زَعَمْتَ، أوْ سَخِّرْ لَنا بِهِ الرِّيحَ كَما سُخِّرَتْ لِسُلَيْمانَ عَلَيْهِ السَّلامُ. لِنَتَّجِرَ عَلَيْها إلى الشّامِ، فَقَدْ شَقَّ عَلَيْنا قَطْعُ الشُّقَّةِ البَعِيدَةِ، أوِ ابْعَثْ لَنا بِهِ رَجُلَيْنِ، أوْ ثَلاثَةً مِمَّنْ ماتَ مِن آبائِنا، فَنَزَلَتْ، فَمَعْنى تَقْطِيعِ الأرْضِ، حِينَئِذٍ قَطْعُها بِالسَّيْرِ، ولا حاجَةَ حِينَئِذٍ إلى الِاعْتِذارِ في إسْنادِ الأفاعِيلِ المَذْكُورَةِ إلى القرآن. كَما احْتِيجَ إلَيْهِ في الوَجْهَيْنِ الأوَّلَيْنِ. وعَنِ الفَرّاءِ أنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِما قَبْلَهُ. مِن قَوْلِهِ: "وَهم يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ وهو بِالحَقِيقَةِ دالٌّ عَلى الجَوابِ. والتَّقْدِيرُ: ولَوْ أنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الجِبالُ، أوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأرْضُ، أوْ كُلِّمَ بِهِ المَوْتى لَكَفَرُوا بِالرَّحْمَنِ، والتَّذْكِيرُ في كُلِّمَ بِهِ المَوْتى لِتَغْلِيبِ المُذَكَّرِ مِنَ المَوْتى عَلى غَيْرِهِ ﴿وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ مِن أهْلِ مَكَّةَ ﴿تُصِيبُهم بِما صَنَعُوا﴾ أيْ: بِسَبَبِ ما صَنَعُوهُ مِنَ الكُفْرِ، والتَّمادِي فِيهِ، وعَدَمُ بَيانِهِ، إمّا لِلْقَصْدِ إلى تَهْوِيلِهِ، أوِ اسْتِهْجانِهِ، وهو تَصْرِيحٌ بِما أشْعَرَ بِهِ بِناءُ الحُكْمِ عَلى المَوْصُولِ مِن عِلِّيَّةِ الصِّلَةِ لَهُ مَعَ ما في صِيغَةِ الصُّنْعِ مِنَ الإيذانِ بِرُسُوخِهِمْ في ذَلِكَ.
﴿قارِعَةٌ﴾ داهِيَةٌ تُقَرِّعُهُمْ، وتُقْلِقُهُمْ، وهو ما كانَ يُصِيبُهم مِن أنْواعِ البَلايا، والمَصائِبِ مِنَ القَتْلِ، والأسْرِ، والنَّهْبِ، والسَّلْبِ. وتَقْدِيمُ المَجْرُورِ عَلى الفاعِلِ لِما مَرَّ مِرارًا مِن إرادَةِ التَّفْسِيرِ، إثْرَ الإبْهامِ لِزِيادَةِ التَّقْرِيرِ، والإحْكامِ مَعَ ما فِيهِ مِن بَيانِ أنَّ مَدارَ الإصابَةِ مِن جِهَتِهِمْ آثَرَ ذِي أثِيرٍ.
﴿أوْ تَحُلُّ﴾ تِلْكَ القارِعَةُ ﴿قَرِيبًا﴾ أيْ: مَكانًا قَرِيبًا ﴿مِن دارِهِمْ﴾ فَيَفْزَعُونَ مِنها، ويَتَطايَرُ إلَيْهِمْ شَرارُها. شُبِّهَتِ القارِعَةُ بِالعَدُوِّ المُتَوَجِّهِ إلَيْهِمْ، فَأُسْنِدَ إلَيْها الإصابَةُ تارَةً، والحُلُولُ أُخْرى، فَفِيهِ اسْتِعارَةٌ بِالكِنايَةِ، وتَخْيِيلٌ، وتَرْشِيحٌ.
﴿حَتّى يَأْتِيَ وعْدُ اللَّهِ﴾ أيْ: مَوْتُهُمْ، أوِ القِيامَةُ. فَإنَّ كُلًّا مِنهُما وعْدٌ مَحْتُومٌ، ولا مَرَدَّ لَهُ، وفِيهِ دَلالَةٌ عَلى أنَّ ما يُصِيبُهم عِنْدَ ذَلِكَ مِنَ العَذابِ في غايَةِ الشِّدَّةِ، وأنَّ ما ذُكِرَ سابِقَةُ نَفْحَةٍ يَسِيرَةٍ، بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، ثُمَّ حُقِّقَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ المِيعادَ﴾ أيِ: الوَعْدَ كالمِيلادِ، والمِيثاقِ بِمَعْنى: الوِلادَةِ. والتَّوْثِقَةِ لِاسْتِحالَةِ ذَلِكَ عَلى اللَّهِ سُبْحانَهُ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما: أرادَ بِالقارِعَةِ السَّرايا الَّتِي كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَبْعَثُها، وكانُوا بَيْنَ إغارَةٍ، واخْتِطافٍ، وتَخْوِيفٍ بِالهُجُومِ عَلَيْهِمْ في دِيارِهِمْ. فالإصابَةُ والحُلُولُ حِينَئِذٍ مِن أحْوالِهِمْ، ويَجُوزُ عَلى هَذا أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعالى أوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِن دارِهِمْ خِطابًا لِلرَّسُولِ ﷺ، مُرادًا بِهِ حُلُولُهُ الحُدَيْبِيَةَ. والمُرادُ: بِوَعْدِ اللَّهِ: ما وعَدَ بِهِ مِن فَتْحِ مَكَّةَ.
{"ayah":"وَلَوۡ أَنَّ قُرۡءَانࣰا سُیِّرَتۡ بِهِ ٱلۡجِبَالُ أَوۡ قُطِّعَتۡ بِهِ ٱلۡأَرۡضُ أَوۡ كُلِّمَ بِهِ ٱلۡمَوۡتَىٰۗ بَل لِّلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ جَمِیعًاۗ أَفَلَمۡ یَا۟یۡـَٔسِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَن لَّوۡ یَشَاۤءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِیعࣰاۗ وَلَا یَزَالُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ تُصِیبُهُم بِمَا صَنَعُوا۟ قَارِعَةٌ أَوۡ تَحُلُّ قَرِیبࣰا مِّن دَارِهِمۡ حَتَّىٰ یَأۡتِیَ وَعۡدُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُخۡلِفُ ٱلۡمِیعَادَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق