الباحث القرآني

﴿قالُوا إنْ يَسْرِقْ﴾ يَعْنُونَ بِنْيامِينَ ﴿فَقَدْ سَرَقَ أخٌ لَهُ مِن قَبْلُ﴾ يُرِيدُونَ بِهِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - وما جَرى عَلَيْهِ مِن جِهَةِ عَمَّتِهِ - عَلى ما قِيلَ - مِن أنَّها كانَتْ تَحْضُنُهُ فَلَمّا شَبَّ أرادَ يَعْقُوبُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - انْتِزاعَهُ مِنها، وكانَتْ لا تَصْبِرُ عَنْهُ ساعَةً، وكانَتْ لَها مِنطَقَةٌ ورِثَتْها مِن أبِيها إسْحاقَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - فاحْتالَتْ لِاسْتِبْقاءِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - فَعَمَدَتْ إلى المِنطَقَةِ فَحَزَمَتْها عَلَيْهِ مِن تَحْتِ ثِيابِهِ، ثُمَّ قالَتْ: فَقَدْتُ مِنطَقَةَ إسْحاقَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - فانْظُرُوا مَن أخَذَها فَوَجَدُوها مَحْزُومَةً عَلى يُوسُفَ، فَقالَتْ: إنَّهُ لِي سَلَمٌ أفْعَلُ بِهِ ما أشاءُ فَخَلّاهُ يَعْقُوبُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - عِنْدَها حَتّى ماتَتْ، وقِيلَ: كانَ أخَذَ في صِباهُ صَنَمًا لِأبِي أُمِّهِ فَكَسَرَهُ وألْقاهُ في الجِيَفِ، وقِيلَ: دَخَلَ كَنِيسَةً فَأخَذَ تِمْثالًا صَغِيرًا مِن ذَهَبٍ كانُوا يَعْبُدُونَهُ فَدَفَنَهُ. ﴿فَأسَرَّها يُوسُفُ﴾ أيْ: أكَنَّ الحَزازَةَ الحاصِلَةَ مِمّا قالُوا ﴿فِي نَفْسِهِ﴾ لا أنَّهُ أسَرَّها لِبَعْضِ أصْحابِهِ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَأسْرَرْتُ لَهم إسْرارًا﴾، ﴿وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ﴾ لا قَوْلًا ولا فِعْلًا صَفْحًا عَنْهم وحِلْمًا، وهو تَأْكِيدٌ لِما سَبَقَ ﴿قالَ﴾ أيْ: في نَفْسِهِ وهو اسْتِئْنافٌ (p-299)مَبْنِيٌّ عَلى سُؤالٍ نَشَأ مِنَ الإخْبارِ بِالإسْرارِ المَذْكُورِ، كَأنَّهُ قِيلَ: فَماذا قالَ في نَفْسِهِ في تَضاعِيفِ ذَلِكَ الإسْرارِ؟ فَقِيلَ قالَ: ﴿أنْتُمْ شَرٌّ مَكانًا﴾ أيْ: مَنزِلَةً، حَيْثُ سَرَقْتُمْ أخاكم مِن أبِيكُمْ، ثُمَّ طَفِقْتُمْ تَفْتَرُونَ عَلى البَرِيءِ، وقِيلَ: بَدَلٌ مِن (أسَرَّها) والضَّمِيرُ لِلْمَقالَةِ المُفَسَّرَةِ بِقَوْلِهِ: "أنْتُمْ شَرٌّ مَكانًا" ﴿واللَّهُ أعْلَمُ بِما تَصِفُونَ﴾ أيْ: عالِمٌ عِلْمًا بالِغًا إلى أقْصى المَراتِبِ بِأنَّ الأمْرَ لَيْسَ كَما تَصِفُونَ مِن صُدُورِ السَّرِقَةِ مِنّا، بَلْ إنَّما هو افْتِراءٌ عَلَيْنا، فالصِّيغَةُ لِمُجَرَّدِ المُبالَغَةِ لا لِتَفْضِيلِ عِلْمِهِ - عَزَّ وجَلَّ - عَلى عِلْمِهِمْ، كَيْفَ لا ولَيْسَ لَهم بِذَلِكَ مِن عِلْمٍ؟
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب