الباحث القرآني

﴿وَقالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أسْتَخْلِصْهُ﴾ أجْعَلْهُ خالِصًا ﴿لِنَفْسِي﴾ وخاصًّا بِي ﴿فَلَمّا كَلَّمَهُ﴾ أيْ: فَأتَوْا بِهِ، فَحُذِفَ لِلْإيذانِ بِسُرْعَةِ الإتْيانِ بِهِ، فَكَأنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الأمْرِ بِإحْضارِهِ والخِطابِ مَعَهُ زَمانٌ أصْلًا، والضَّمِيرُ المُسْتَكِنُّ في (كَلَّمَهُ) لِيُوسُفَ والبارِزُ لِلْمَلِكِ، أيْ: فَلَمّا كَلَّمَهُ يُوسُفُ إثْرَ ما أتاهُ فاسْتَنْطَقَهُ وشاهَدَ مِنهُ ما شاهَدَ ﴿قالَ إنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ﴾ ذُو مَكانَةٍ ومَنزِلَةٍ رَفِيعَةٍ ﴿أمِينٌ﴾ مُؤْتَمَنٌ عَلى كُلِّ شَيْءٍ، و(اليَوْمَ) لَيْسَ بِمِعْيارٍ لِمُدَّةِ المَكانَةِ والأمانَةِ، بَلْ هو آنُ التَّكَلُّمِ، والمُرادُ تَحْدِيدُ مَبْدَئِهِما احْتِرازًا عَنِ احْتِمالِ كَوْنِهِما بَعْدَ حِينٍ. رُوِيَ أنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - لَمّا جاءَهُ الرَّسُولُ خَرَجَ مِنَ السِّجْنِ، ودَعا لِأهْلِهِ، واغْتَسَلَ، ولَبِسَ ثِيابًا جُدُدًا، فَلَمّا دَخَلَ عَلى المَلِكِ قالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ بِخَيْرِكَ مِن خَيْرِهِ، وأعُوذُ بِعِزَّتِكَ وقُدْرَتِكَ مِن شَرِّهِ وشَرِّ غَيْرِهِ، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِ، ودَعا لَهُ بِالعِبْرانِيَّةِ، فَقالَ: ما هَذا اللِّسانُ؟ قالَ لِسانُ آبائِي، وكانَ المَلِكُ يَعْرِفُ سَبْعِينَ لِسانًا فَكَلَّمَهُ بِها، فَأجابَهُ بِجَمِيعِها فَتَعَجَّبَ مِنهُ، فَقالَ: أُحِبُّ أنْ أسْمَعَ مِنكَ رُؤْيايَ، فَحَكاها ونَعَتَ لَهُ البَقَراتِ والسَّنابِلَ وأماكِنَها عَلى ما رَآها، فَأجْلَسَهُ عَلى السَّرِيرِ وفَوَّضَ إلَيْهِ أمْرَهُ. وَقِيلَ: تُوُفِّيَ قِطْفِيرُ في تِلْكَ اللَّيالِي فَنَصَّبَهُ مَنصِبَهُ وزَوَّجَهُ راعِيلَ فَوَجَدَها عَذْراءَ، ووَلَدَتْ لَهُ إفْرايِيمَ ومِيشا، ولَعَلَّ ذَلِكَ إنَّما كانَ بَعْدَ تَعْيِينِهِ - عَلَيْهِ السَّلامُ - لِما عُيِّنَ لَهُ مِن أمْرِ الخَزائِنِ، كَما يُعْرِبُ عَنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب