الباحث القرآني

﴿قالَ﴾ اسْتِئْنافٌ مَبْنِيٌّ عَلى السُّؤالِ، كَأنَّهُ قِيلَ: فَماذا قالَ يُوسُفُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - في التَّأْوِيلِ؟ فَقِيلَ: قالَ: ﴿تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأبًا﴾ قُرِئَ بِفَتْحِ الهَمْزَةِ وسُكُونِها وكِلاهُما مَصْدَرُ دَأبَ في العَمَلِ إذا جَدَّ فِيهِ وتَعِبَ، وانْتِصابُهُ عَلى الحالِيَّةِ مِن فاعِلِ (تَزْرَعُونَ) أيْ: دائِبِينَ، أوْ تَدْأبُونَ دَأبًا عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِفِعْلٍ هو الحالُ، أوَّلَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - البَقَراتِ السِّمانَ والسُّنْبُلاتِ الخُضْرَ بِسِنِينَ مَخاصِيبَ والعِجافَ واليابِساتِ بِسِنِينَ مُجْدِبَةٍ، فَأخَذَهم بِأنَّهم يُواظِبُونَ سَبْعَ سِنِينَ عَلى الزُّرّاعِ ويُبالِغُونَ فِيها إذْ بِذَلِكَ يَتَحَقَّقُ الخَصْبُ الَّذِي هو مِصْداقُ البَقَراتِ السِّمانِ وتَأْوِيلُها، ودَلَّهم في تَضاعِيفِ ذَلِكَ عَلى أمْرٍ نافِعٍ لَهم فَقالَ: ﴿فَما حَصَدْتُمْ﴾ أيْ: في كُلِّ سَنَةٍ ﴿فَذَرُوهُ في سُنْبُلِهِ﴾ ولا تَذْرُوهُ كَيْلا يَأْكُلَهُ السُّوسُ، كَما هو شَأْنُ غِلالِ مِصْرَ ونَواحِيها، ولَعَلَّهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - اسْتَدَلَّ عَلى ذَلِكَ بِالسُّنْبُلاتِ الخُضْرِ، وإنَّما أمَرَهم بِذَلِكَ إذْ لَمْ يَكُنْ مُعْتادًا فِيما بَيْنَهُمْ، وحَيْثُ كانُوا مُعْتادِينَ لِلزِّراعَةِ لَمْ يَأْمُرْهم بِها، وجَعَلَها أمْرًا مُحَقَّقَ الوُقُوعِ، وتَأْوِيلًا لِلرُّؤْيا مِصْداقًا لِما فِيها مِنَ البَقَراتِ السِّمانِ ﴿إلا قَلِيلا مِمّا تَأْكُلُونَ﴾ في تِلْكَ السِّنِينَ، وفِيهِ إرْشادٌ مِنهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - لَهم إلى التَّقْلِيلِ في الأكْلِ، والِاقْتِصارُ عَلى اسْتِثْناءِ المَأْكُولِ دُونَ البَذْرِ لِكَوْنِ ذَلِكَ مَعْلُومًا مِن قَوْلِهِ: ﴿ (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ)﴾ وبَعْدَ إتْمامِ ما أمَرَهم بِهِ شَرَعَ في بَيانِ بَقِيَّةِ التَّأْوِيلِ الَّتِي يَظْهَرُ مِنها حِكْمَةُ الأمْرِ المَذْكُورِ، فَقالَ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب