الباحث القرآني
﴿قالَتْ فَذَلِكُنَّ﴾ الفاءُ فَصِيحَةٌ، والخِطابُ لِلنِّسْوَةِ، والإشارَةُ إلى يُوسُفَ بِالعُنْوانِ الَّذِي وصَفْنَهُ بِهِ الآنَ مِنَ الخُرُوجِ في الحُسْنِ والجَمالِ عَنِ المَراتِبِ البَشَرِيَّةِ، والِاقْتِصارِ عَلى المَلَكِيَّةِ، فاسْمُ الإشارَةِ مُبْتَدَأٌ، والمَوْصُولُ (p-273)خَبَرُهُ، والمَعْنى: إنْ كانَ الأمْرُ كَما قُلْتُنَّ فَذَلِكُنَّ المَلَكُ الكَرِيمُ النّائِي مِنَ المَراتِبِ البَشَرِيَّةِ هو ﴿الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ﴾ أيْ: عَيَّرْتُنَّنِي في الِافْتِتانِ بِهِ، حَيْثُ رَبَأْتُنَّ بِمَحَلِّي بِنِسْبَتِي إلى العَزِيزِ، ووَضَعْتُنَّ قَدْرَهُ بِكَوْنِهِ مِنَ المَمالِيكِ، أوْ بِالعُنْوانِ الَّذِي وصَفْنَهُ بِهِ فِيما سَبَقَ بِقَوْلِهِنَّ: امْرَأةُ العَزِيزِ عَشِقَتْ عَبْدَها الكَنْعانِيَّ، فَهو خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: فَهو ذَلِكَ العَبْدُ الكَنْعانِيُّ الَّذِي صَوَّرْتُنَّ في أنْفُسِكُنَّ وقُلْتُنَّ فِيهِ وفِيَّ ما قُلْتُنَّ، فالآنَ قَدْ عَلِمْتُنَّ مَن هو وما قَوْلُكُنَّ فِينا، وأمّا ما يُقالُ تَعْنِي أنَّكُنَّ لَمْ تُصَوِّرْنَهُ بِحَقِّ صُورَتِهِ، ولَوْ صَوَّرْتُنَّهُ بِما عايَنْتُنَّ لَعَذَرْتُنَّنِي في الِافْتِتانِ بِهِ - فَلا يُلائِمُ المَقامَ، فَإنَّ مُرادَها بِدَعْوَتِهِنَّ وتَمْهِيدِ ما مَهَّدَتْهُ لَهُنَّ تَبْكِيتُهُنَّ وتَنْدِيمُهُنَّ عَلى ما صَدَرَ عَنْهُنَّ مِنَ اللَّوْمِ، وقَدْ فَعَلَتْ ذَلِكَ بِما لا مَزِيدَ عَلَيْهِ، وما ذُكِرَ مِنَ المَقالِ فَحَقُّ المُعْتَذِرِ قَبْلَ ظُهُورِ مَعْذِرَتِهِ، وقَدْ قِيلَ في تَعْلِيلِ المَلَكِيَّةِ أنَّ الجَمْعَ بَيْنَ الجَمالِ الرّائِقِ والكَمالِ الفائِقِ والعِصْمَةِ البالِغَةِ مِنَ الخَواصِّ المَلَكِيَّةِ، وهو أيْضًا لا يُلائِمُ قَوْلَها: ﴿ (فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ)﴾ فَإنَّ عُنْوانَ العِصْمَةِ مِمّا يُنافِي تَمْشِيَةَ مَرامِها، ثُمَّ بَعْدَما أقامَتْ عَلَيْهِنَّ الحُجَّةَ وأوْضَحَتْ لَدَيْهِنَّ عُذْرَها، وقَدْ أصابَهُنَّ مِن قِبَلِهِ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ما أصابَها باحَتْ لَهُنَّ بِبَقِيَّةِ سِرِّها فَقالَتْ:
﴿وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ حَسْبَما قُلْتُنَّ وسَمِعْتُنَّ ﴿فاسْتَعْصَمَ﴾ امْتَنَعَ طالِبًا لِلْعِصْمَةِ، وهو بِناءُ مُبالَغَةٍ يَدُلُّ عَلى الِامْتِناعِ البَلِيغِ، والتَّحَفُّظِ الشَّدِيدِ، كَأنَّهُ في عِصْمَةٍ، وهو يَجْتَهِدُ في الِاسْتِزادَةِ مِنها، كَما في اسْتَمْسَكَ واسْتَجْمَعَ الرَّأْيَ، وفِيهِ بُرْهانٌ نَيِّرٌ عَلى أنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - شَيْءٌ مُخِلٌّ بِاسْتِعْصامِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿ (مَعاذَ اللَّهِ)﴾ مِنَ الهَمِّ وغَيْرِهِ، اعْتَرَفَتْ لَهُنَّ أوَّلًا بِما كُنَّ يَسْمَعْنَهُ مِن مُراوَدَتِها لَهُ وأكَّدَتْهُ إظْهارًا لِابْتِهاجِها بِذَلِكَ، ثُمَّ زادَتْ عَلى ذَلِكَ أنَّهُ أعْرَضَ عَنْها عَلى أبْلَغِ ما يَكُونُ، ولَمْ يَمِلْ إلَيْها قَطُّ، ثُمَّ زادَتْ عَلَيْهِ أيْضًا أنَّها مُسْتَمِرَّةٌ عَلى ما كانَتْ عَلَيْهِ غَيْرَ مُرْعَوِيَّةٍ عَنْهُ لا بِلَوْمِ العَواذِلِ، ولا بِإعْراضِ الحَبِيبِ فَقالَتْ:
﴿وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ﴾ أيْ: آمُرُ بِهِ فِيما سَيَأْتِي، كَما لَمْ يَفْعَلْ فِيما مَضى فَحُذِفَ الجارُّ وأُوصِلَ الفِعْلُ إلى الضَّمِيرِ، كَما فِي: (أمَرْتُكَ الخَيْرَ) فالضَّمِيرُ لِلْمَوْصُولِ، أوْ أمْرِي إيّاهُ، أيْ: مُوجِبَ أمْرِي ومُقْتَضاهُ، فَما مَصْدَرِيَّةٌ، والضَّمِيرُ لِيُوسُفَ، وعَبَّرَتْ عَنْ مُراوَدَتِها بِالأمْرِ إظْهارًا لِجَرَيانِ حُكُومَتِها عَلَيْهِ واقْتِضاءً لِلِامْتِثالِ بِأمْرِها.
﴿لَيُسْجَنَنَّ﴾ بِالنُّونِ المُثَقَّلَةِ آثَرَتْ بِناءَ الفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ جَرْيًا عَلى رَسْمِ المُلُوكِ، أوْ إيهامًا لِسُرْعَةِ تَرَتُّبِ ذَلِكَ عَلى عَدَمِ امْتِثالِهِ لِأمْرِها، كَأنَّهُ لا يَدْخُلُ بَيْنَهُما فِعْلُ فاعِلٍ ﴿وَلَيَكُونًا﴾ بِالمُخَفَّفَةِ ﴿مِنَ الصّاغِرِينَ﴾ أيِ: الأذِلّاءِ في السِّجْنِ، وقَدْ قُرِئَ الفِعْلانِ بِالتَّثْقِيلِ، ولَكِنَّ المَشْهُورَةَ أُولى؛ لِأنَّ النُّونَ كُتِبَتْ في المُصْحَفِ ألِفًا عَلى حُكْمِ الوَقْفِ، واللّامُ الدّاخِلَةُ عَلى حَرْفِ الشَّرْطِ مُوطِئَةٌ لِلْقَسَمِ، وجَوابُهُ سادٌّ مَسَدَّ الجَوابَيْنِ، ولَقَدْ أتَتْ بِهَذا الوَعِيدِ المُنْطَوِي عَلى فُنُونِ التَّأْكِيدِ بِمَحْضَرٍ مِنهُنَّ؛ لِيَعْلَمَ يُوسُفُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - أنَّها لَيْسَتْ في أمْرِها عَلى خُفْيَةٍ ولا خِيفَةٍ مِن أحَدٍ، فَتَضِيقَ عَلَيْهِ الحِيَلُ وتَعْيا بِهِ العِلَلُ، ويَنْصَحْنَ لَهُ ويُرْشِدْنَهُ إلى مُوافَقَتِها، ولَمّا كانَ هَذا الإبْراقُ والإرْعادُ مِنها مَظِنَّةً لِسُؤالِ سائِلٍ يَقُولُ: فَما صَنَعَ يُوسُفُ حِينَئِذٍ؟ قِيلَ:
{"ayah":"قَالَتۡ فَذَ ٰلِكُنَّ ٱلَّذِی لُمۡتُنَّنِی فِیهِۖ وَلَقَدۡ رَ ٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ فَٱسۡتَعۡصَمَۖ وَلَىِٕن لَّمۡ یَفۡعَلۡ مَاۤ ءَامُرُهُۥ لَیُسۡجَنَنَّ وَلَیَكُونࣰا مِّنَ ٱلصَّـٰغِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











