الباحث القرآني
﴿واسْتَبَقا البابَ﴾ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وهَمَّ بِها لَوْلا أنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ﴾ وقَوْلُهُ: "كَذَلِكَ" إلى آخِرِهِ اعْتِراضٌ جِيءَ بِهِ بَيْنَ المَعْطُوفَيْنِ؛ تَقْرِيرًا لِنَزاهَتِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ والمَعْنى: لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وأبى هو واسْتَبَقا البابَ، أيْ: تَسابَقا إلى البابِ البَرّانِيِّ الَّذِي هو المَخْلَصُ، ولِذَلِكَ وُحِّدَ بَعْدَ الجَمْعِ فِيما سَلَفَ، وحُذِفَ حَرْفُ الجَرِّ وأُوصِلَ الفِعْلُ إلى المَجْرُورِ نَحْوُ ﴿ (وَإذا كالُوهُمْ)﴾ أوْ ضُمِّنَ الِاسْتِباقُ مَعْنى الِابْتِدارِ، وإسْنادُ السَّبْقِ في ضِمْنِ الِاسْتِباقِ إلَيْها - مَعَ أنَّ مُرادَها مُجَرَّدُ مَنعِ يُوسُفَ وذا لا يُوجِبُ الِانْتِهاءَ إلى البابِ - لِأنَّها لَمّا رَأتْهُ يُسْرِعُ إلى البابِ لِيَتَخَلَّصَ مِنها أسْرَعَتْ هي أيْضًا لِتَسْبِقَهُ إلَيْهِ وتَمْنَعَهُ عَنِ الفَتْحِ والخُرُوجِ، أوْ عُبِّرَ عَنْ إسْراعِها إثْرَهُ بِذَلِكَ مُبالَغَةً.
﴿وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ﴾ اجْتَذَبَتْهُ مِن ورائِهِ فانْشَقَّ طُولًا وهو القَدُّ، كَما أنَّ الشَّقَّ عَرْضًا هو القَطُّ، وقَدْ قِيلَ في وصْفِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنَّهُ كانَ إذا اعْتَلى قَدَّ وإذا اعْتَرَضَ قَطَّ، وإسْنادُ القَدِّ إلَيْها خاصَّةً مَعَ أنَّ لِقُوَّةِ يُوسُفَ أيْضًا دَخْلًا فِيهِ إمّا لِأنَّها الجُزْءُ الأخِيرُ لِلْعِلَّةِ التّامَّةِ، وإمّا لِلْإيذانِ بِمُبالَغَتِها في مَنعِهِ عَنِ الخُرُوجِ، وبَذْلِ مَجْهُودِها في ذَلِكَ لِفَوْتِ المَحْبُوبِ، أوْ لِخَوْفِ الِافْتِضاحِ.
﴿وَألْفَيا سَيِّدَها﴾ أيْ: صادَفا زَوْجَها، وإذْ لَمْ يَكُنْ مِلْكُهُ لِيُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - صَحِيحًا لَمْ يَقِلْ: (سَيِّدَهُما) قِيلَ: ألْفَياهُ مُقْبِلًا، وقِيلَ: كانَ جالِسًا مَعَ ابْنِ عَمٍّ لِلْمَرْأةِ ﴿لَدى البابِ﴾ أيِ: البَرّانِيِّ كَما مَرَّ.
رَوى كَعْبٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنَّهُ لَمّا هَرَبَ يُوسُفُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - جَعَلَ فَراشُ القُفْلِ يَتَناثَرُ ويَسْقُطُ حَتّى خَرَجَ مِنَ الأبْوابِ.
﴿قالَتْ﴾ اسْتِئْنافٌ مَبْنِيٌّ عَلى سُؤالِ سائِلٍ يَقُولُ: فَماذا كانَ حِينَ ألْفَيا العَزِيزَ عِنْدَ البابِ؟ فَقِيلَ: قالَتْ: ﴿ما جَزاءُ مَن أرادَ بِأهْلِكَ سُوءًا﴾ مِنَ الزِّنى ونَحْوِهِ (p-268)﴿إلا أنْ يُسْجَنَ أوْ عَذابٌ ألِيمٌ﴾ "ما" نافِيَةٌ، أيْ: لَيْسَ جَزاؤُهُ إلّا السَّجْنُ، أوِ العَذابُ الألِيمُ، قِيلَ المُرادُ بِهِ الضَّرْبُ بِالسِّياطِ، أوِ اسْتِفْهامِيَّةٌ أيْ: أيُّ شَيْءٍ جَزاؤُهُ غَيْرُ ذاكَ أوْ ذَلِكَ.
وَلَقَدْ أتَتْ في تِلْكَ الحالَةِ الَّتِي تُدْهَشُ فِيها الفِطَنُ - حَيْثُ شاهَدَها العَزِيزُ عَلى تِلْكَ الهَيْئَةِ المُرِيبَةِ - بِحِيلَةٍ جَمَعَتْ فِيها غَرَضَيْها، وهُما تَبْرِئَةُ ساحَتِها مِمّا يَلُوحُ مِن ظاهِرِ الحالِ، واسْتِنْزالُ يُوسُفَ عَنْ رَأْيِهِ في اسْتِعْصائِهِ عَلَيْها وعَدَمِ مُواتاتِهِ عَلى مُرادِها بِإلْقاءِ الرُّعْبِ في قَلْبِهِ مِن مَكْرِها طَمَعًا في مُواقَعَتِهِ لَها كَرْهًا عِنْدَ يَأْسِها عَنْ ذَلِكَ اخْتِيارًا، كَما قالَتْ: ﴿وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ ولَيَكُونًا مِنَ الصّاغِرِينَ﴾ ثُمَّ إنَّها جَعَلَتْ صُدُورَ الإرادَةِ المَذْكُورَةِ عَنْ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - أمْرًا مُحَقَّقًا مَفْرُوغًا عَنْهُ غَنِيًّا عَنِ الإخْبارِ بِوُقُوعِهِ، وأنَّ ما هي عَلَيْهِ مِنَ الأفاعِيلِ لِأجْلِ تَحْقِيقِ جَزائِها، فَهي تُرِيدُ إيقاعَهُ حَسْبَما يَقْتَضِيهِ قانُونُ الإيالَةِ، وفي إبْهامِ المُرِيدِ تَهْوِيلٌ لِشَأْنِ الجَزاءِ المَذْكُورِ بِكَوْنِهِ قانُونًا مُطَّرِدًا في حَقِّ كُلِّ أحَدٍ كائِنًا مَن كانَ، وفي ذِكْرِ نَفْسِها بِعُنْوانِ أهْلِيَّةِ العَزِيزِ إعْظامٌ لِلْخَطْبِ، وإغْراءٌ لَهُ عَلى تَحْقِيقِ ما تَتَوَخّاهُ بِحُكْمِ الغَضَبِ والحَمِيَّةِ.
{"ayah":"وَٱسۡتَبَقَا ٱلۡبَابَ وَقَدَّتۡ قَمِیصَهُۥ مِن دُبُرࣲ وَأَلۡفَیَا سَیِّدَهَا لَدَا ٱلۡبَابِۚ قَالَتۡ مَا جَزَاۤءُ مَنۡ أَرَادَ بِأَهۡلِكَ سُوۤءًا إِلَّاۤ أَن یُسۡجَنَ أَوۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق