الباحث القرآني

﴿مِنَ الجِنَّةِ والنّاسِ﴾ بَيانٌ لِلَّذِي يُوَسْوِسُ عَلى أنَّهُ ضَرْبانِ جِنِّيٌّ وإنْسِيٌّ كَما قالَ عَزَّ وجَلَّ: ﴿شَياطِينَ الإنْسِ والجِنِّ﴾ أوْ مُتَعَلِّقٌ بِـ"يُوَسْوِسُ" أيْ: يُوَسْوِسُ في صَدْرِهِمْ مِن جِهَةِ الجِنِّ ومِن جِهَةِ الإنْسِ، وقَدْ جُوِّزَ أنْ يَكُونَ بَيانًا لِلنّاسِ عَلى أنَّهُ يُطْلَقُ عَلى الجِنِّ أيْضًا حَسَبَ إطْلاقِ النَّفَرِ والرِّجالِ عَلَيْهِمْ، ولا تَعْوِيلَ عَلَيْهِ، وأقْرَبُ مِنهُ أنْ يُرادَ بِالنّاسِ: النّاسِي ويُجْعَلُ سُقُوطُ الياءِ كَسُقُوطِها في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَوْمَ يَدْعُ الدّاعِ﴾ ثُمَّ يُبَيَّنُ بِالجَنَّةِ والنّاسِ، فَإنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِن أفْرادِ الفَرِيقَيْنِ مُبْتَلى بِنِسْيانِ حَقِّ اللَّهِ تَعالى إلّا مَن تَدارَكَهُ شَوافِعُ عِصْمَتِهِ وتَناوَلَهُ واسِعُ رَحْمَتِهِ عَصَمَنا اللَّهُ تَعالى مِنَ الغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِهِ، ووَفَّقَنا لِأداءِ حُقُوقِ شُكْرِهِ. تَمَّ بِحَمْدِ اللَّهِ وعَوْنِهِ هَذا التَّفْسِيرُ الجَلِيلُ، وصَلّى اللَّهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وعَلى آلِهِ وصَحْبِهِ أجْمَعِينَ. (p-218)خاتِمَةُ المُؤَلِّفِ قالَ العَبْدُ الذَّلِيلُ مُتَضَرِّعًا إلى رَبِّهِ الجَلِيلِ: اللَّهُمَّ يا ولِيَّ العِصْمَةِ والإرْشادِ، وهادِيَ الغُواةِ إلى سَنَنِ الرَّشادِ، بارِئِ البَرِيَّةِ مالِكَ الرِّقابِ، عَلَيْكَ تَوَكُّلِي وإلَيْكَ مَتابِ، أنْتَ المُغِيثُ لِكُلِّ حائِرٍ مَلْهُوفٍ، والمُجِيرُ مِن كُلِّ هائِلٍ مَخُوفٍ، ألُوذُ بِحَرَمِكَ المَأْمُونِ، مِن غَوائِلِ رَيْبِ المَنُونِ، وألْتَجِئُ إلى حِرْزِكَ الحَرِيزِ، وآوِي إلى رُكْنِكَ العَزِيزِ، وأسْألُكَ مِن خَزائِنِ بِرِّكَ المَخْزُونِ، في مَكامِنِ سِرِّ المَكْنُونِ، خَيْرَ ما جَرى بِهِ قَلَمُ التَّكْوِينِ، مِن أُمُورِ الدُّنْيا والدِّينِ، وأعُوذُ بِكَ مِن فُنُونِ الفِتَنِ والشُّرُورِ، لا سِيَّما الاطْمِئْنانَ بِدارِ الغُرُورِ، والاغْتِرارَ بِنَعِيمِها وزَهْرَتِها، والافْتِتانَ بِزَخارِفِها وزِينَتِها، فَأعِذْنِي بِحِمايَتِكَ، وأعِنِّي بِعِنايَتِكَ، وأفِضْ عَلَيَّ مِن شَوارِقِ الأنْوارِ الرَّبّانِيَّةِ، وبِوارِقِ الآثارِ السُّبْحانِيَّةِ، ما يُخَلِّصُنِي مِنَ العَوائِقِ الظَّلَمانِيَّةِ، ويُجَرِّدُنِي مِنَ العَلائِقِ الجُسْمانِيَّةِ، وهَذِّبْ نَفْسِي الأبِيَّةَ مِن دَنَسِ الطَّبائِعِ والأخْلاقِ، ونَوِّرْ قَلْبِيَ القاسِي بِلَوامِعِ الإشْراقِ، لِيَسْتَعِدَّ لِلْعُبُورِ عَلى سَرائِرِ الأُنْسِ، ويَتَهَيَّأ لِلْحُضُورِ في حَظائِرَ القُدْسِ، وثَبِّتْنِي عَلى مَناهِجِ الحَقِّ والهُدى، وأرْشِدْنِي إلى مَسالِكِ البَرِّ والتُّقى، واجْعَلْ أعَزَّ مَرامِي ابْتِغاءَ رِضاكَ، وأشْرَفَ أيّامِي يَوْمَ لِقاكَ، يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمِينَ فَرِيقًا فَرِيقًا، واحْشُرْنِي مَعَ الَّذِينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقَيْنَ والشُّهَداءِ والصّالِحِينَ وحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا. قامَ بِمُراجَعَةِ وتَصْحِيحِ هَذا التَّفْسِيرِ: فَضِيلَةُ الأُسْتاذ الدُّكْتُور / حَسَن أحْمَد مَرْعِي الأُسْتاذُ بِكُلِّيَّةِ الشَّرِيعَةِ والقانُونِ بِجامِعَةِ الأزْهَرِ، وفَضِيلَةُ الأُسْتاذ الشَّيْخُ / مُحَمَّد الصّادِق قَمْحاوِيّ المُفَتِّشُ العامُّ بِالمَعاهِدِ الأزْهَرِيَّةِ، وعُضْوُ لَجْنَةِ مُراجِعَةِ المَصاحِفِ بِمَشْيَخَةِ الأزْهَرِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب