الباحث القرآني
﴿قالُوا يا شُعَيْبُ أصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا﴾ مِنَ الأوْثانِ، أجابُوا بِذَلِكَ أمْرَهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - إيّاهم بِعِبادَةِ اللَّهِ وحْدَهُ المُتَضَمِّنَ لِنَهْيِهِمْ عَنْ عِبادَةِ الأصْنامِ، ولَقَدْ بالَغُوا في ذَلِكَ وبَلَغُوا أقْصى مَراتِبَ الخَلاعَةِ والمُجُونِ والضَّلالِ، حَيْثُ لَمْ يَكْتَفُوا بِإنْكارِ الوَحْيِ الآمِرِ بِذَلِكَ حَتّى ادَّعَوْا أنْ لا أمْرَ بِهِ مِنَ العَقْلِ واللُّبِّ أصْلًا، وأنَّهُ مِن أحْكامِ الوَسْوَسَةِ والجُنُونِ، وعَلى ذَلِكَ بَنَوُا اسْتِفْهامَهُمْ، وقالُوا بِطَرِيقِ الِاسْتِهْزاءِ: أصَلاتُكَ - الَّتِي هي مِن نَتائِجِ الوَسْوَسَةِ وأفاعِيلِ المَجانِينِ - تَأْمُرُكَ بِأنْ نَتْرُكَ عِبادَةَ الأوْثانِ الَّتِي تَوارَثْناها أبًا عَنْ جَدٍّ، وإنَّما جَعَلُوهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - مَأْمُورًا - مَعَ أنَّ الصّادِرَ عَنْهُ إنَّما هو الأمْرُ بِعِبادَةِ اللَّهِ تَعالى وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الشَّرائِعِ - لِأنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَكُنْ يَأْمُرُهم بِذَلِكَ مِن تِلْقاءِ نَفْسِهِ، بَلْ مِن جِهَةِ الوَحْيِ، وأنَّهُ كانَ يُعْلِمُهم بِأنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَبْلِيغِهِ إلَيْهِمْ، وتَخْصِيصُهم بِإسْنادِ الأمْرِ إلى الصَّلاةِ مِن بَيْنِ سائِرِ أحْكامِ النُّبُوَّةِ؛ لِأنَّهُ ﷺ كانَ كَثِيرَ الصَّلاةِ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ، وكانُوا إذا رَأوْهُ يُصَلِّي يَتَغامَزُونَ ويَتَضاحَكُونَ، فَكانَتْ هي مِن بَيْنِ سائِرِ شَعائِرِ الدِّينِ ضِحْكَةً لَهُمْ، وقُرِئَ (أصَلَواتُكَ).
﴿أوْ أنْ نَفْعَلَ في أمْوالِنا ما نَشاءُ﴾ جَوابٌ عَنْ أمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلامُ - بِإيفاءِ الحُقُوقِ ونَهْيِهِ عَنِ البَخْسِ والنَّقْصِ، مَعْطُوفٌ عَلى ما، أيْ: أوْ أنْ نُتْرَكَ أنْ نَفْعَلَ في أمْوالِنا ما نَشاءُ مِنَ الأخْذِ والإعْطاءِ والزِّيادَةِ والنَّقْصِ، وقُرِئَ بِالتّاءِ في الفِعْلَيْنِ عَطْفًا عَلى مَفْعُولِ (تَأْمُرُكَ) أيْ: أصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أنْ تَفْعَلَ أنْتَ في أمْوالِنا ما تَشاءُ، وتَجْوِيزُ (p-233)العَطْفِ عَلى ما قِيلَ يَسْتَدْعِي أنْ يُرادَ بِالتَّرْكِ مَعْنَيانِ مُتَخالِفانِ، والمُرادُ بِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ إيجابُ الإيفاءِ والعَدْلِ في مُعامَلاتِهِمْ لا نَفْسُ الإيفاءُ، فَإنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِن أفْعالِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، بَلْ مِن أفْعالِهِمْ.
وَإنَّما لَمْ نَقُلْ عَطْفًا عَلى (أنْ نَتْرُكَ) لِأنَّ التَّرْكَ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ عَلى الحَقِيقَةِ، بَلِ المَأْمُورُ بِهِ تَكْلِيفُهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - إيّاهم وأمْرُهُ بِذَلِكَ، والمَعْنى أصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أنْ تُكَلِّفَنا أنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا، وحَمْلُهُ عَلى مَعْنى: أصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ بِما لَيْسَ في وُسْعِكَ وعُهْدَتِكَ مِن أفاعِيلِ غَيْرِكَ - لِيَكُونَ ذَلِكَ تَعْرِيضًا مِنهم بِرَكاكَةِ رَأْيِهِ، عَلَيْهِ السَّلامُ، واسْتِهْزاءً بِهِ مِن تِلْكَ الجِهَةِ - يَأْباهُ دُخُولُ الهَمْزَةِ عَلى الصَّلاةِ دُونَ الأمْرِ، ويَسْتَدْعِي أنْ يَصْدُرَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - في أثْناءِ الدَّعْوَةِ ما يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ أوْ يُوهِمُهُ، وأنّى ذَلِكَ فَتَأمَّلْ.
وَقُرِئَ بِالنُّونِ في الأوَّلِ والتّاءِ في الثّانِي عَطْفًا عَلى (أنْ نَتْرُكَ) أيْ: أوْ أنْ نَفْعَلَ نَحْنُ في أمْوالِنا عِنْدَ المُعامَلَةِ ما تَشاءُ أنْتَ مِنَ التَّسْوِيَةِ والإيفاءِ ﴿إنَّكَ لأنْتَ الحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ وصَفُوهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - بِالوَصْفَيْنِ عَلى طَرِيقَةِ التَّهَكُّمِ، وإنَّما أرادُوا بِذَلِكَ وصْفَهُ بِضِدَّيْهِما، كَقَوْلِ الخَزَنَةِ: ﴿ذُقْ إنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ﴾ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِما سَبَقَ مِنِ اسْتِبْعادِ ما ذَكَرُوهُ عَلى مَعْنى (إنَّكَ لَأنْتَ الحَلِيمُ الرَّشِيدُ) عَلى زَعْمِكَ، وأمّا وصْفُهُ بِهِما عَلى الحَقِيقَةِ فَيَأْباهُ مَقامُ الِاسْتِهْزاءِ، اللَّهُمَّ إلّا أنْ يُرادَ بِالصَّلاةِ الدِّينُ كَما قِيلَ.
{"ayah":"قَالُوا۟ یَـٰشُعَیۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُنَاۤ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِیۤ أَمۡوَ ٰلِنَا مَا نَشَـٰۤؤُا۟ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِیمُ ٱلرَّشِیدُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











