الباحث القرآني

﴿إلا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ فَإنَّهُمُ في تِجارَةٍ لَنْ تَبُورَ حَيْثُ باعُوا الفانِيَ الخَسِيسَ واشْتَرَوْا الباقِيَ النَّفِيسَ، واسْتَبْدَلُوا الباقِياتِ الصّالِحاتِ بِالغادِياتِ الرّائِحاتِ، فَيا لَها مِن صَفْقَةٍ ما أرْبَحَها! وهَذا بَيانٌ لِتَكْمِيلِهِمْ لِأنْفُسِهِمْ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَتَواصَوْا بِالحَقِّ﴾ ...إلَخْ، بَيانٌ لِتَكْمِيلِهِمْ لِغَيْرِهِمْ أيْ: وصّى بَعْضُهم بَعْضًا بِالأمْرِ الثّابِتِ الَّذِي لا سَبِيلَ إلى إنْكارِهِ، ولا زَوالَ في الدّارَيْنِ لِمَحاسِنِ آثارِهِ، وهو الخَيْرُ كُلُّهُ مِنَ الإيمان باللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، واتِّباعِ كُتُبِهِ ورُسُلِهِ في كُلِّ عَقْدٍ وعَمَلٍ ﴿وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ أيْ: عَنِ المَعاصِي الَّتِي تَشْتاقُ إلَيْها النَّفْسُ بِحُكْمِ الجِبِلَّةِ البَشَرِيَّةِ، وعَلى الطّاعاتِ الَّتِي يَشُقُّ عَلْيَها أداؤُها، أوْ عَلى ما يَبْلُو اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ بِهِ عِبادَهُ، وتَخْصِيصُ هَذا التَّواصِي بِالذِّكْرِ مَعَ انْدِراجِهِ تَحْتَ التَّواصِي بِالحَقِّ؛ لِإبْرازِ كَمالِ الاعْتِناءِ بِهِ، أوْ لِأنَّ الأوَّلَ عِبارَةٌ عَنْ رُتْبَةِ العِبادَةِ الَّتِي هي فِعْلُ ما يَرْضى بِهِ اللَّهُ تَعالى، والثّانِي عَنْ رُتْبَةِ العُبُودِيَّةِ الَّتِي هي الرِّضا بِما فَعَلَ اللَّهُ تَعالى، فَإنَّ المُرادَ بِالصَّبْرِ لَيْسَ مُجَرَّدَ حَبْسِ النَّفْسِ عَمّا تَتَشَوَّقُ إلَيْهِ مِن فِعْلٍ وتَرْكٍ؛ بَلْ هو تَلَقِّي ما ورَدَ مِنهُ تَعالى بِالجَمِيلِ والرِّضا بِهِ ظاهِرًا وباطِنًا. عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ « "مَن قَرَأ سُورَةَ العَصْرِ غَفَرَ اللَّهُ تَعالى لَهُ، وكانَ مِمَّنْ تَواصى بِالحَقِّ وتَواصى بِالصَّبْرِ".»
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب